“هذه المواد تقتل”… موجة من المخدرات الاصطناعية تجتاح إيل دو فرانس وتثير قلق السلطات

تشهد منطقة إيل دو فرانس، التي تضم العاصمة باريس وضواحيها، انتشارًا مثيرًا للقلق لما يُعرف بـ”المخدرات الاصطناعية الجديدة”، وهي مواد كيميائية تُركب في المختبرات لتقليد تأثيرات المخدرات التقليدية مثل القنب، الكوكايين، أو الإكستازي، لكنها غالبًا ما تكون أكثر فتكًا وأشد إدمانًا.

وفقًا للمركز الفرنسي لرصد المخدرات والإدمان (OFDT)، فإن هذه المواد، المعروفة أيضًا باسم “NPS” (Nouvelles Substances Psychoactives)، تتنوع بين القنبيات الاصطناعية والكاثينونات، وتنتشر على نطاق واسع في شوارع المدن الفرنسية، وتحديدًا في الضواحي الهشة اجتماعيًا حيث يسهل اختراق شبكات التهريب والتوزيع.

 “قانونية ظاهريًا” تباع عبر الإنترنت

المثير في هذه المواد أن تركيبها الكيميائي يتغير باستمرار، ما يصعب على السلطات تصنيفها كمخدرات غير قانونية فورًا. وتُباع غالبًا على الإنترنت أو عبر تطبيقات مشفرة، في عبوات جذابة توحي بأنها منتجات قانونية أو غير ضارة، مثل السوائل الإلكترونية أو أكياس الأعشاب المعطرة.

وفيات وحالات تسمم

في الأشهر الأخيرة، سجلت مراكز الطوارئ في مستشفيات باريس وضواحيها ارتفاعًا ملحوظًا في حالات التسمم والوفيات المرتبطة بتعاطي هذه المخدرات. وبحسب مصادر طبية، فإن بعض الأنواع مثل “النيتازينات” – وهي أفيونات اصطناعية أقوى بمئات المرات من الهيروين – تمثل خطرًا قاتلًا حتى عند جرعات صغيرة جدًا.

حملة تحذير وملاحقة

أطلقت وزارة الداخلية الفرنسية مؤخرًا حملة إعلامية بعنوان “Ces produits tuent” (هذه المواد تقتل)، للتحذير من مخاطر هذه السموم الاصطناعية. كما تم إدراج عشرات المركبات الكيميائية الجديدة ضمن قائمة المواد المحظورة بموجب قانون مكافحة المخدرات.

وفي تصريح سابق، أكدت فابيان بوتشيو، حاكمة منطقة أوفيرن-رون-ألب، أن “الدولة تتابع بقلق بالغ هذا التطور وتعمل على تشديد الرقابة ورفع مستوى التنسيق بين الشرطة والصحة العامة”.

وحذّر خبراء من أن هذه الموجة لا تقتصر على فرنسا فقط، بل باتت ظاهرة أوروبية تحتاج إلى تنسيق دولي عاجل، لا سيما وأن أغلب هذه المخدرات يتم تصنيعها في مختبرات تقع في آسيا أو أوروبا الشرقية، قبل تهريبها إلى المدن الأوروبية الكبرى.

في ظل هذا التهديد المتنامي، تجد فرنسا نفسها أمام تحدٍّ حقيقي لحماية الشباب من موجة إدمان جديدة، لا تعتمد على المواد الكلاسيكية المعروفة، بل على منتجات قاتلة قد لا تُرصد إلا بعد فوات الأوان.

مرهف مينو – خاص – باريس

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى