فرنسا تُودِع أخطر تجّار المخدرات في سجون شديدة الحراسة ضمن حملة وطنية غير مسبوقة

في خطوة حاسمة لمكافحة شبكات التهريب والجريمة المنظمة، أعلنت وزارة الداخلية الفرنسية عن بدء تنفيذ خطة أمنية مشددة تقضي بإيداع أبرز تجّار المخدرات في سجون فائقة الحراسة، وذلك ضمن حملة وطنية وصفت بأنها “الأوسع من نوعها منذ عقود” لمواجهة التهديد المتصاعد للمافيا الفرنسية والدولية.

وبحسب بيان رسمي صدر عن الوزارة، فإن السلطات بدأت منذ منتصف يوليو الماضي بنقل أكثر من 60 شخصية مصنّفة على قائمة “أعلى درجات الخطورة” إلى منشآت أمنية تخضع لنظام مراقبة مشدد يعمل على مدار الساعة، تشمل تدابير رقابة إلكترونية متطورة، وعزلاً كاملاً عن العالم الخارجي.

وأكد وزير الداخلية جيرالد دارمانان أن هذه الإجراءات تأتي ردًا على تصاعد العنف المرتبط بتجارة المخدرات في المدن الكبرى مثل مرسيليا وليون وباريس، حيث شهدت تلك المدن خلال الأشهر الماضية سلسلة من عمليات الاغتيال وتصفية الحسابات بين العصابات، أسفرت عن سقوط عشرات الضحايا، من بينهم قُصّر ومدنيون.

استراتيجية “ضرب الرأس”

وبحسب تقارير استخباراتية، تستهدف الحملة رؤوس شبكات الكوكايين والحشيش التي تمتد جذورها إلى أمريكا الجنوبية والمغرب العربي، وتُدار عبر مراكز لوجستية متطورة في موانئ مثل لوهافر ومارسيليا. وتشير السلطات إلى أن هذه الشبكات غالبًا ما تعتمد على وسطاء محليين، وتستخدم العنف المفرط لترهيب السكان والسيطرة على الأحياء الشعبية.

وتقوم الاستراتيجية الجديدة على مبدأ “ضرب الرأس”، أي استهداف قادة الشبكات بدلاً من الاقتصار على صغار الموزعين، وذلك من خلال تتبع التحويلات المالية، ومصادرة الأصول، وضبط الشحنات الكبرى في الموانئ والمطارات.

تعاون دولي متصاعد

وفي سياق متصل، كشفت وزارة العدل عن تنسيق موسّع مع وكالات أوروبية مثل “يوروبول” و”فرونتكس”، لتعقب المسارات الدولية للتهريب، وتفكيك الروابط بين شبكات المخدرات والجماعات المتطرفة التي يُشتبه في استفادتها من تجارة المخدرات لتمويل أنشطتها.

وشدّد البيان على أن السجون الجديدة التي تم نقل المجرمين إليها، تخضع لمعايير أمنية مشابهة لتلك المستخدمة في احتجاز الإرهابيين الخطرين، وتمنع أي تواصل بين الموقوفين وأي طرف خارجي، بما في ذلك المحامين في بعض الحالات الاستثنائية، بعد الحصول على إذن قضائي خاص.

قوبلت هذه الحملة بترحيب كبير من قبل سكان المناطق التي طالما عانت من هيمنة شبكات الجريمة المنظمة، إلا أن منظمات حقوقية أبدت قلقها من إمكانية استخدام “الحبس الانفرادي المطوّل” كأداة للعقاب دون رقابة قضائية كافية.

في المقابل، أكدت الحكومة أن جميع الإجراءات تتم وفق الأطر القانونية، وتحت إشراف النيابات المختصة، في ظل ما وصفته بـ”الخطر الداهم على أمن الدولة والمجتمع”.

؟

مرهف مينو – باريس

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى