
دمشق تبتلع اقتصاد سوريا.. كيف تحولت حلب من عاصمة صناعية إلى مدينة مهمشة؟
في تحول جذري يرسم ملامح اقتصاد سوري جديد، انتزعت دمشق وريفها رسمياً لقب “العاصمة الاقتصادية” من مدينة حلب التي تراجعت بشكل كارثي لتصبح على هامش المشهد الاقتصادي، وذلك وفقاً لبيانات رسمية وتقارير اقتصادية حديثة.
وتكشف الأرقام عن واقع مقلق: ففي حين استحوذت دمشق ومحيطها على أكثر من 80% من الشركات الجديدة المسجلة في سوريا هذا العام، بالإضافة إلى معظم الاستثمارات الأجنبية الضخمة، لم يتجاوز نصيب حلب، التي كانت يوماً ما القلب الصناعي للبلاد، نسبة 9% فقط.
ويعزو خبراء اقتصاديون هذا التحول إلى مجموعة من العوامل المعقدة. فمن جهة، ساهمت مركزية القرار السياسي والاستقرار النسبي في دمشق في تحويلها إلى القطب الجاذب للاستثمارات والأنشطة التجارية القائمة على الاستيراد، والتي تشكل اليوم غالبية الاقتصاد السوري.
ومن جهة أخرى، تعاني حلب من تداعيات مدمرة خلفتها سنوات الحرب، أبرزها الدمار الهائل الذي لحق ببنيتها التحتية الصناعية، وهجرة العقول والخبرات، بالإضافة إلى عزلتها الجغرافية بعد انقطاع طرق التجارة التاريخية. ويزيد من تفاقم الأزمة إغراق الأسواق المحلية بالبضائع المستوردة رخيصة الثمن، مما يخنق ما تبقى من الصناعة الحلبية التي فقدت قدرتها على المنافسة.
ويحذر المحللون من أن هذا التركز الاقتصادي في محور واحد سيخلق اختلالاً تنموياً خطيراً، ويعمق الفجوة الاجتماعية بين المحافظات، ويهدد بتكريس اقتصاد هش يعتمد على الاستيراد بدلاً من الإنتاج، مما يضع مستقبل التنمية المستدامة في سوريا على المحك.



