غرفة صناعة حمص : “دولة داخل الدولة” محمية من التغيير وشبهات الكبتاغون

في خطوة تكشف عن عمق نفوذ شبكات المصالح القديمة وتحديها الصارخ لتوجهات الإصلاح، يقف مجلس إدارة غرفة صناعة حمص كحصن منيع لم تمسه قرارات الحل والتغيير التي طالت جميع مجالس غرف الصناعة في المحافظات السورية، بما فيها العاصمتان الاقتصاديتان دمشق وحلب، مما يثير تساؤلات جدية حول من يحمي هذا المجلس ولماذا.
هذا الاستثناء الغامض، الذي لم تقدم وزارة الاقتصاد والصناعة أي تبرير رسمي له حتى الآن، تحول إلى قضية رأي عام، خاصة وأن المجلس الحالي، الذي يترأسه محمد لبيب الإخوان، يضم شخصيات نافذة اقتصادياً وأمنياً، يُعرف عنها أنها كانت من الركائز الأساسية الداعمة للنظام البائد.
وتؤكد مصادر مطلعة أن هؤلاء الأعضاء لعبوا أدواراً محورية في تمويل ودعم العمليات العسكرية للنظام خلال سنوات الحرب، مما يجعل بقاءهم في مناصبهم اليوم بمثابة تناقض فاضح مع مسار الانتقال السياسي.
من دعم الحرب إلى شبهات تجارة المخدرات
تتجاوز الاتهامات الموجهة لأعضاء المجلس مجرد الدعم السياسي لتصل إلى ملفات جنائية دولية. إذ تحوم شكوك قوية، تتردد في الأوساط الاقتصادية والشعبية، حول تورط بعض الشخصيات النافذة في المجلس بشبكات تصنيع وتهريب حبوب “الكبتاغون” المخدرة.
وتشير المعلومات إلى أن منشآت صناعية في حمص وريفها، مملوكة لهؤلاء الأعضاء، استُخدمت كواجهة وغطاء لإنتاج وتوزيع المخدرات التي أغرقت المنطقة وحولت سوريا إلى “دولة كبتاغون” في نظر المجتمع الدولي.
إن غياب أي إجراء بحق المجلس، رغم خطورة هذه الشبهات، يقوي فرضية أن هؤلاء “الأباطرة” يتمتعون بحماية تتجاوز السلطة الإدارية لوزارة الاقتصاد، وقد تمتد إلى جهات أمنية وعسكرية لا تزال تدين بالولاء للمنظومة القديمة ومصالحها.
صمت حكومي يثير الشكوك
يزيد من تعقيد المشهد الصمت المطبق من قبل الحكومة السورية الانتقالية ووزارة الاقتصاد والصناعة.
ففي الوقت الذي يتم فيه الحديث عن إعادة هيكلة الاقتصاد وتفكيك منظومات الفساد، يبدو أن غرفة صناعة حمص تعمل كـ “دولة داخل الدولة”، بقوانينها الخاصة وحمايتها الذاتية، مما يطرح سؤالاً جوهرياً على طاولة وزير الاقتصاد : “بماذا يتميز مجلس إدارة غرفة صناعة حمص عن غيره؟ وهل أصبحت الشبهات الجدية بالفساد، ودعم نظام سابق، والتورط في تجارة المخدرات، مؤهلات للبقاء والحصانة بدلاً من أن تكون أسباباً للمحاسبة والحل الفوري؟”
إن استمرار هذا الوضع لا يقوض فقط ثقة الشارع السوري في جدية الإصلاحات، بل يرسل أيضاً رسالة سلبية للمجتمع الدولي والمستثمرين المحتملين، مفادها أن “سوريا الجديدة” لم تتخلص بعد من أقوى وأخطر رموز “سوريا القديمة”، وأن شبكات الجريمة والفساد التي نمت في ظل الحرب لا تزال قادرة على حماية نفسها وإعادة إنتاج نفوذها، حتى وإن كان ذلك على حساب مستقبل بلد بأكمله.
.
.
متابعة من الصحف 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى