تقرير إخباري: تفاصيل جديدة حول “انتحار” غازي كنعان… وثائق انقلاب وتصفية بسبع رصاصات

ما وراء الرواية الرسمية لوفاة وزير الداخلية السوري الأسبق

كشفت صحيفة “المدن” عن تفاصيل جديدة ومثيرة للجدل تحيط بوفاة اللواء غازي كنعان، وزير الداخلية السوري الأسبق ورئيس جهاز الأمن والاستطلاع السوري في لبنان سابقاً، والتي أعلنتها دمشق رسمياً في تشرين الأول/أكتوبر 2005 على أنها “انتحار”.
ويأتي هذا التقرير ليقدم رواية مغايرة للبيان المقتضب الصادر عن وزارة الداخلية السورية آنذاك، والذي أعلن: “انتحر اللواء غازي كنعان في مكتبه بوزارة الداخلية صباح اليوم”.
وثائق الانقلاب والمكالمة الأخيرة
وفقاً لمصادر سورية موثوقة كشفت، فإن كنعان تلقى في مكتبه، قبيل وفاته، ظرفاً مغلقاً أرسله “الرئيس المخلوع” (في إشارة إلى الرئيس السوري بشار الأسد). احتوى الظرف على وثائق سرية تتضمن مراسلات واجتماعات خاصة تتعلق بعملية انقلابية كان كنعان يخطط لها ضد الرئيس الأسد.
وأشارت المصادر إلى أن التخطيط كان يتم بالتنسيق مع مسؤول أميركي رفيع في القاهرة آنذاك، وبالتعاون مع شخصيات سورية بارزة، من بينها العماد حكمت الشهابي، رئيس الأركان الأسبق، وعبد الحليم خدام، نائب الرئيس السابق الذي انشق لاحقاً عن النظام.
وبعد فترة وجيزة من تسلمه الظرف، وصل آصف شوكت، صهر الرئيس ورئيس الاستخبارات العسكرية آنذاك، إلى مقر وزارة الداخلية، وفقاً لشهود من داخل الوزارة.
وعقب هذا اللقاء، أجرى كنعان مكالمته الأخيرة مع إذاعة “صوت لبنان”، حيث أدلى بتصريح مقتضب للصحفي، قال فيه: “هذه قد تكون آخر تصريحاتي… أحببت أن أوضح أن ما نُشر عني غير صحيح… هذا للتاريخ”.

التصفية بسبع رصاصات
في حين تحدث تقرير الطب الشرعي الرسمي عن “رصاصة واحدة في الفم”، حصلت “المدن” على معلومة خاصة تفيد بأن سبع رصاصات كانت داخل جسد كنعان، لا رصاصة واحدة.
وأكدت المصادر أن تصفية كنعان جاءت بقرار شخصي من الرئيس المخلوع، ونفذها أحد مساعديه المقربين، الذي حصد لاحقاً مكاسب كبيرة ونفوذاً واسعاً. كما جرى ترتيب المشهد بحيث يُسمع صوت رصاصة واحدة فقط، بينما استُخدم كاتم الصوت في بقية الطلقات.
وتشير الروايات المتضاربة إلى أن موت كنعان لم يكن انتحاراً، بل تصفية سياسية صامتة، تزامنت مع اقتراب صدور تقرير ميليس الأول حول اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري، والذي ورد فيه اسم كنعان بين من “قد يمتلكون معرفة بالأوامر العليا”.
إرث الخوف: تصفية الشقيق وصفقة الصمت
لم تتوقف تداعيات الحادثة عند كنعان، إذ تلاها بعد أسابيع وفاة شقيقه في حادثة دهس بقطار، أعلنتها الجهات الرسمية آنذاك.
لكن مصادر “المدن” أكدت أن الحادث لم يكن عرضياً، بل تصفية مقنعة، جاءت بعد أن طُلب من الشقيق تسليم ملفات سرية كان كنعان قد احتفظ بها “أمانة تاريخية”. ووفقاً للمصادر، داهمت قوة من المخابرات السورية منزله للبحث عن الوثائق، ليُعثر عليه لاحقاً جثة على سكة القطار.
وفي سياق متصل، عُقدت صفقة صمت مع عائلة كنعان، حيث طُلب منهم عدم الإدلاء بأي تصريحات صحافية، مقابل تعهد من عائلة الأسد بعدم التعرض لآل كنعان أو لأموالهم وممتلكاتهم، في خطوة أغلقت الملف رسمياً.
كنعان: الحاكم الفعلي للبنان
يُذكر أن غازي كنعان، المولود في قرية بحمرا باللاذقية عام 1942، كان قد تولى قيادة جهاز الاستخبارات العسكرية السورية في لبنان لمدة عقدين، حيث كان يعتبر الحاكم الفعلي للبنان تحت غطاء “التنسيق الأمني”.
وبعد استدعائه إلى دمشق عام 2002، أُبعد عن دائرة الاستخبارات الخارجية، وعُين مديراً لإدارة الأمن السياسي، ثم وزيراً للداخلية في تشرين الأول/أكتوبر 2004، في مناصب أقل نفوذاً مما اعتاده في بيروت.
ويُضاف “انتحار” كنعان إلى سلسلة من الوفيات الغامضة التي شهدها التاريخ السياسي السوري، مثل انتحار عبد الكريم الجندي عام 1969، ورئيس الوزراء محمود الزعبي عام 2000، مما يشير إلى تقليد سوري قديم يتمثل في “انتحار” رجال النظام حين يصبحون عبئاً على بقائه.
.
.
خاص مصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى