
استعدادات عيد التحرير في حمص : مبادرات التنظيف الشعبية وتقاعس الأثرياء عن إنارة الشوارع
فيما ينشغل البعض بخياطة الأعلام، تبقى شوارع رئيسية في الأحياء الراقية مظلمة، وتبرز مبادرات أهلية لجمع التبرعات لتنظيف المدينة
مصدر – حمص
مع اقتراب موعد الاحتفالات بـ”عيد التحرير”، تشهد مدينة “حمص” تبايناً لافتاً في أشكال الاستعدادات، يعكس انقساماً في الأولويات بين سكانها.
ففي الوقت الذي تنطلق فيه مبادرات شعبية لجمع التبرعات لتنظيف الشوارع وتجهيزها، تغرق طرقات رئيسية في أحياء راقية بالعتمة، وسط رفض قاطنيها المساهمة في إنارتها.
وفي التفاصيل، أطلق ناشطون في المدينة مبادرة أهلية تبدأ مع مطلع الشهر القادم، تهدف إلى جمع تبرعات لشراء أدوات ومستلزمات تنظيف، بهدف تجهيز شوارع المدينة وإظهارها بأفضل حلة قبل حلول “عيد التحرير”.
وتلقى هذه المبادرة تجاوباً من شرائح واسعة من المجتمع المحلي، ممن يرون في العمل الجماعي والتشاركي واجباً وطنياً ووسيلة للاحتفاء بالمناسبة.
على النقيض تماماً، يسود الظلام شارع الملعب الرئيسي في حي “الحمرا” الراقي، الممتد من دوار 94 حتى نهاية الشارع باتجاه الملعب.
وعلى الرغم من أن هذا الحي يضم منازل تقدر قيمة الواحد منها بنصف مليون دولار على الأقل، إلا أن سكانه يرفضون المشاركة في تحمل تكاليف إنارة الشارع، الذي يعد شرياناً حيوياً في المنطقة.
المفارقة التي يتداولها أهالي المدينة، هي أن بعض سكان هذا الحي المنهمكين في خياطة الأعلام استعداداً للاحتفالات، لا يجدون في إنارة شارعهم أولوية تستدعي مساهمتهم.
ويطرح هذا السلوك تساؤلات حول مفهوم المشاركة المجتمعية والمسؤولية المدنية لدى شريحة من الميسورين، الذين يبدو أن احتفالهم بالمناسبات الوطنية يقتصر على المظاهر الشكلية، دون أن يترجم إلى أفعال ملموسة تخدم الصالح العام.
وبين حماس المبادرات الشعبية لتنظيف المدينة، وتقاعس أثرياء “الحمرا” عن إنارة شارعهم، تستعد “حمص” لاستقبال “عيد التحرير” بصورة تعكس واقعاً اجتماعياً معقداً، يختلط فيه الشعور بالمسؤولية مع اللامبالاة، وتتجاور فيه المبادرات الأهلية مع فردانية لا تأبه إلا بحدود جدرانها.



