في كمين محكم، مديرية المخابرات تنهي أسطورة أشهر تجار المخدرات في لبنان، وتطوي صفحة من صفحات النفوذ المتجاوز لسلطة الدولة

في عملية وُصفت بـ”الاحترافية والنوعية”، أسدلت مديرية المخابرات في الجيش اللبناني الستار على أسطورة نوح زعيتر، أحد أشهر وأقوى تجار المخدرات في لبنان والمنطقة، وذلك بعد الإيقاع به في كمين محكم في معقله بمنطقة بعلبك البقاعية.
ويمثل اعتقال زعيتر، الذي تم دون إطلاق رصاصة واحدة، ضربة قاصمة لشبكات الجريمة المنظمة التي تنشط في تصنيع وتهريب المخدرات، وعلى رأسها حبوب الكبتاغون، عبر الحدود اللبنانية-السورية. ولطالما ارتبط اسم زعيتر بإمبراطورية مترامية الأطراف، لا تقتصر أنشطتها على المخدرات فحسب، بل تمتد لتشمل تهريب الأسلحة وتشكيل عصابات مسلحة فرضت نفوذها بقوة السلاح لسنوات طويلة.

نفوذ يتحدى الدولة وهيبتها
لم يكن نوح زعيتر مجرد تاجر مخدرات، بل كان رمزاً لظاهرة “الدولة داخل الدولة”، حيث وصل نفوذه إلى حد تحدي المؤسسات الرسمية بشكل علني وفاضح. وتعتبر الحادثة التي وقعت في امتحانات الشهادة المتوسطة الرسمية عام 2022، خير دليل على حجم الاستخفاف الذي كانت تتعامل به عائلته مع القوانين.
في ذلك اليوم، اقتحم نجل زعيتر، غيفارا، أحد مراكز الامتحانات في بعلبك برفقة والدته ومجموعة من المسلحين، في استعراض للقوة أرغم المشرفين والقوى الأمنية على السكوت. وأدخل التلميذ هاتفه الخلوي إلى قاعة الامتحان لاستخدامه في الغش، واختار مقعده بنفسه، بينما تجولت والدته في المركز وسط تهديدات مبطنة للمعلمين. ولإتمام فصول المسرحية، تم تعطيل كاميرات المراقبة في المدرسة، التي كانت تديرها مديرة من آل زعيتر أيضاً.
هذه الحادثة، التي استدعت تدخلاً من وحدة عسكرية لإخراج التلميذ وإعادة الهدوء، كشفت عن مدى تغلغل نفوذ زعيتر وعائلته، وحجم التحدي الذي كان يواجه هيبة الدولة في عقر دارها. ومن هنا، يكتسب اعتقاله اليوم دلالات تتجاوز مجرد توقيف مطلوب خطير، لتمثل رسالة قوية بأن لا أحد فوق القانون، وأن سلطة الدولة قادرة على الوصول إلى أقوى معاقل الخارجين عليها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى