
“خيانة رسمية بلسان مسؤول” : كيف يطعن نظام دمشق اللاجئين ويتهمهم بـ “الفلول”؟
في سابقة خطيرة تكشف عن عقلية التخوين المتجذرة في أروقة السلطة، أطلق العقيد الوليد عرابي، معاون مدير إدارة الهجرة والجوازات، تصريحاً صادماً لا يمكن وصفه إلا بأنه طعنة رسمية في ظهر ملايين السوريين المهجرين قسراً.
لم يكتفِ المسؤول بتجاهل مأساة اللجوء، بل ذهب إلى حد وصف كل من لم يزر سوريا بعد “سقوط النظام” بأنه من “الفلول” أو من “أذنابه”. هذا التخوين الجماعي ليس مجرد زلة لسان، بل هو إعلان رسمي بأن الدولة ترى في أبنائها المنفيين خصوماً سياسيين، وتبرير وقح لفشل سياسات العودة.
التخوين كسياسة رسمية
جاء تصريح “عرابي” في سياق تبرير قرار تخفيض مدة صلاحية جواز السفر إلى عامين ونصف، وهو القرار الذي يضاعف الأعباء المالية على اللاجئين. وفي محاولة بائسة لتجميل صورة النظام، زعم العقيد أن “أغلب السوريين في الخارج عادوا”، ليختتم تحليله بعبارة لا تليق بمنصب مسؤول:
“بقي من لم يصحح وضعه ولم يسجل دخول وخروج هم أشخاص كانوا من أذناب النظام السابق أو فلول النظام السابق”.
إن هذا الربط المباشر بين عدم العودة والتخوين السياسي هو دليل دامغ على أن النظام لا يرى في اللاجئ مواطناً يحتاج إلى رعاية، بل يراه رقماً في معادلة سياسية، ويستخدم التخوين كأداة لتبرير فشله الذريع في توفير بيئة آمنة ومحفزة للعودة.
…………………………….
غضب الشتات : فضح الأكاذيب الرسمية
قوبل هذا الافتراء الرسمي بموجة غضب عارمة من السوريين الذين أجبرتهم الظروف على البقاء في المنافي، والذين يدركون أن العوائق ليست “فلولاً” بل قيوداً قانونية ومالية قاهرة يفرضها الواقع الدولي المعقد.
•الصحفي عبد المعين حمص: شن حمص هجوماً لاذعاً على العقيد، مشيراً إلى أن المهجرين قسراً في 2018 لم تتيسر لهم العودة لأسباب مالية وقانونية، وتساءل بمرارة: «تجي هلق يا سيادة العقيد تعمل الناس فلول ومن أذناب النظام؟». وطالب حمص المسؤول بالاعتذار الفوري والاستقالة، مؤكداً أن أمثاله لا يصلحون للمسؤولية.
•الشاعرة صافي أحمد: فندت الشاعرة مزاعم “عرابي” بخصوص “الثورية”، مؤكدة أن العائق هو القوانين الأوروبية التي تهدد بإلغاء إقامة اللاجئ في حال زيارته لسوريا. ووجهت رسالة قاسية: «العودة والله هي غايتنا لو أننا كنا نملك مسكنا أو ما يعيننا على الحياة في سورية ولكن قدر الله أننا فقدنا بيوتنا وفقدنا كل شيء».
•الصحفي محمود حميدان: كشف حميدان عن المفارقة الساخرة والمؤلمة: «مصيبة إذا ما بتعرف أنه كتير من أذناب النظام كانت حركتهم نظامية وكتير منهم دخلوا البلد بينما وضع اللاجئين ببلدان الجوار أو أوروبا كتير معقد وسفرهم مو قرار سهل وميسر».
التخوين : هروب من المسؤولية
إن تصريح العقيد عرابي ليس مجرد خطأ فردي، بل هو انعكاس لسياسة رسمية تهدف إلى:
1.تجاهل العوائق القانونية: التغاضي عن حقيقة أن زيارة سوريا قد تعني الترحيل القسري من دول اللجوء، مما يجعل قرار السفر بمثابة انتحار قانوني.
2.تجاهل العوائق المادية: تجاهل أن قرار تخفيض مدة الجواز هو جباية مالية ترهق كاهل اللاجئ، وتجعل العودة حلماً بعيد المنال.
3.تدمير الثقة: يمثل التصريح إعداماً رسمياً لأي مبادرة حسن نية تجاه اللاجئين، ويؤكد أن العودة لن تكون آمنة أو كريمة ما دامت عقلية التخوين هي السائدة في مؤسسات الدولة.
إن السوريين في الشتات يتوقعون من مؤسسات الدولة اعترافاً بمسؤوليتها عن مأساتهم، لا تصريحات تعمق الجراح وتزيد من عزلتهم. إن هذا التصريح ليس مجرد إهانة، بل هو دليل على أن الطريق إلى العودة الآمنة والكريمة ما زال مسدوداً بـ جدار التخوين الرسمي.
.
.
.
.
المادة بتصرف عن سناك سوري – مصدر


