نازحة ٌ تكتبُ قصة ً.. فاطمة الحسّاني
أيّها اللاعبُ بمصائرنا ….هل عاكسك الحظُّ يوماً فجرّبتَ النوم في خيمة بائسة تتحرّشُ بها الريحُ من كلّ جانب… وعشتَ مثلي الخوف وأنت ترى اهتزاز أعمدتها..
وطفلُك تُراوده كوابيسُ الظلام وأصواتٌ تعوي وغيرُها تصمُّ الآذن ، تبتعدُ وتقتربُ.. أنا حارسةٌ … أتطلّعُ في وجه طفلي الذي لا تهدأ حركتُه وهو يهرشُ جسمه. لم يزرْني نومٌ .. وهل ينامُ الحارسُ ؟
لا نورَ يُضيءُ كلماتي على الورق، ما في نفسي يوجعني… لا دواءَ غير أن أسطره على الورق. حقيبتي تعبتْ.. ما أكثرَ سفري الذي لم أخترْه ؛ هو مفروضٌ عليّ كصلاة عابد تقّيّ. مع اعتذاري الى العابد حين أشبهه بعمل أؤلئك الذين أذلّونا…
أفاق طفلي من نومه مُرتعشاً، أزيزُ الرصاص الذي يهزُّالخيام. تحرّكَ وتدٌ فمالت خيمتُنا. طفلي الذي غشيه الرعبُ هرع نحو فتحة الخيمة بعد أن تلاشت أصوات المجرمين، رأى القمر وسط السماء ، خوفُه من الرصاص أبعده عن النوم، سألني وقد طوّقته بذراعيّ : – ماما، هل القمرُ يسهرُ مثلنا؟ هل هو خائفٌ من أصوات البنادق؟
تحكي له أمّه حكايةً كي ينسى خوفَه وينام. تقولُ : قبل أعوام طويلة كنا نرقصُ دوماً .. فتسمعُ الأرضُ حركاتِ أقدامنا فتميدُ بنا؛؛ وهذا سببُ دورانها . اليوم توقفت ، شاركتنا مخاوفنا.. فلم تعُدْ راغبة في الحركة، انّها تستمعُ وتُصغي وحسبُ.
ماما، هل للأرض آذانٌ تسمعُ مثلنا ؟ – لكل شيء ٍ آذانٌ هذه الأيام.. الجدرانُ والخيام، والبرميلُ الذي نفدَ ماؤه.. سنظلُّ أياماً بلا ماء.. لن نغسل وجوهنا وأيدينا.. ماما في بيتنا حنفيةٌ لا ينقطعُ ماؤها، لنأخذِ البرميل نملؤه منها… ماما.. لمَ تبكين؟ ستُمطرُ السماءُ ويمتليءُ البرميلُ .. ولدي.. كلنا يتنظرُ المطر.. لكنّه بعيدٌ.. بعيدٌ… ألم نرَ القمرَ مُنيراً، لا سحبَ تمدّنا بالأمل ..
فمن أين يجيءُ المطرُ؟ – قد يأتي بلا سحب.. ألم يقل أبي يوماً: أشياء كثيرة ٍ تتغيّرُ..