المستشرقة أمي … احمد ربيع

 

امي لا تعرف من اللغة العربية سوى أليافها وقشورها ..تتحدث بركاكة مستشرقة فرنسية ..
وبما انها كذلك ، فهي لا تعرف الارقام ولا حتى فئة العملات وهذا شيئ طبيعي ..بالإضافة إلى ذلك قواعد اللغة لديها غير ثابتة ابدآ ، يعني احيانآ هو يصبح هي ..وانت يصبح انتي وهكذا..عندما تتحدث بالعربية يصبح تحديد جنس المقصود من السابع المستحيلات ، إلا اذا نزعت سرواله .

في بداية الثمانينات حضرت لها موقف وهي تساوم البائع الجوال على شراء إناء بلاستيكي مستدير لنستخدمه في الحمام ، وهذا حقنا الطبيعي ..ليموتوا بغيظهم الذين يتحممون بالبانيوهات البورسلان .

يومها كان البائع يطلب سعر الإناء 30 ليرة .. وبما ان امي امرأة ليست سهلة ، هي الأخرى تدلي بدلوها وتقول : لا لا والله لن ادفع لك اكثر من 40 ليرة ..
يقول البائع : لا لا والله لن آخذ منك اكثر من حقي …
امي تفهم كلامه بطريقة خاطئة وترد عليه بصيغة المؤنث : انتي لا لا والله 30 كثير لا تكوني غلاواتية ..سأعطيك كل النقود التي معي .
امي تقصد الاربعين ليرة .
يفجر البائع ضحكة عالية ويقول : يا خالتي ولماذا آخذ منك اكثر من حقي ؟ ..انا اقول لك 30 ليرة .
دخلت امي في حديث جانبي مع جارتنا الواقفة معها ، وصارت تبربر بالكردية من جهة وجارتنا من جهتها تقول لا تشتريه بثلاثين هااا.. اسمعي كلامي ولا تدفعي اكثر من أربعين ..بالنهاية سيقبل يبيعك بالسعر الذي تريدينه ، اسأليني انا عن هؤلاء الباعة العرصات ..العام الماضي اشتريت واحدة احسن منه بنص مئة ليرة ..
يا إلهي جارتنا حتى بالكردية لا تعرف التحدث.
في هذه الاثناء كانت تقضم كتلة البيلون المخبئة بين يديها ، وكل بضع دقائق تاخذ عضة منها كأنها تقضم التفاح وهي تراقب عملية البيع والشراء خطوة بخطوة.. امي تعد مثقفة من العيار الثقيل مقارنة بجارتنا هذه ، لو انها تدخلت في المساومة لتحل المشكلة بين البائع وأمي ، اتخيل كانت ستقول :والله غالي ، لا ثلاثين ولا اربعين ، تعالوا نقسم البيدر بالنص ..يعني بتسعين ليرة وصلى الله وبارك .

بعد مساومة طويلة ،اتفقت امي على عملية الشراء و اخرجت من جيبها 100 ليرة على اساس انها 40 ليرة .

 

 

صفحة الكاتب – فيس بوك

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى