العدل في السعودية يبكي الجنّ .. راشد عيسى

 

العدل في السعودية يبكي الجنّ.. أما آن لجورج وسوف أن يستريح من التلفزيون؟.. ومجد القاسم يغني لـ “الشعب المصري” من وزارة الداخلية

 

 

 

العدل في المملكة السعودية يبكي الجنّ لو سمعوا به، فمنذ الآن يستطيع أي خطيب مسجد، مهما كان مبتدئاً، أن يقول بحق أي فنان لا يعجبه أداؤه إنه «زنديق ونجس وكافر»، إلى سواها من كلمات لا يليق ذكرها، من دون أن يحق لأحد معاقبته، وذلك بزعم «صلاح المدّعى عليه واستقامته ودعوته إلى الله».
لقد رفضت محكمة الاستئناف في منطقة عسير في السعودية أخيراً حكماً صادراً في قضية خطيب الجمعة سعيد بن فروة قضى بسجنه مدة 45 يوماً، لسبّه وشتمه الممثل ناصر القصبي في إحدى خطبه بعد حلقة تلفزيونية انتقادية في مسلسل من بطولة الفنان القصبي.
المحكمة لم تكتف برفض الحكم، بل سوّغت حكمها بتأكيد إدانة القصبي حيث قالت «اشتهر عنه الاستهزاء بالدين والمنتسبين إليه من العلماء والصالحين والآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر، إضافة إلى تشبهه بالنساء».
القصبي كان ظهر في حلقة من مسلسله الكوميدي «سيلفي» مؤدياً دور تائب يكسر آلة العود خاصته، ما دفع الشيخ سعيد بن فروة لاعتباره استهزاء بالتائبين، من دون أن يفرّق بين سخرية تنال من عموم التائبين، وسخرية ممن يوجّه توبته للانتقام من آلة موسيقية باعتبارها الشرّ كلّه.
الشيخ هو أيضاً، وعلى غرار تلك الشخصية التي أداها القصبي، يريد أن يحطّم كل ما حوله، آلة العود، وقناة الـ «ام بي سي» السعودية التي يقول إنها «قناة الكفر والإلحاد»، و«القناة الفاجرة»، وصولاً إلى مسلسل كرتوني للأطفال بثته القناة، إلى فنان «يخرج زوجته متبرجة بالمجلات والجرائد»، فكل هؤلاء هم بالنسبة للشيخ «أهل النفاق والعلمنة».
المحاكم السعودية تنجي الشيخ التكفيري من حكم صدر بحقه، كل الرجاء أن يتوقف الأمر هنا، وأن لا يصل إلى تقديم القصبي للمحاكمة بجرائم «الكفر والزندقة والتشبّه بالنساء».

جورج وسوف وأصالة

الفنانون من موالي النظام السوري لا يكتفون بالموالاة، ولا يجدون أنفسهم البتّة في موقع الدفاع أو تبرير موالاتهم، فيبدو أن الموالاة لا تستوي عندهم إلا بأن يكون واحدهم شبيحاً إلى الآخر. هذا ما يثبته جورج وسوف وهو يهاجم الفنانة السورية أصالة بأقذع الكلمات، من بينها أنها «خانت وطنها»، وأنها «اسم على غير مسمى، الاسم مش لايق لها،.. فاكرة نفسها الله خلقها وكسر القالب ومش خالق غيرها». وصولاً إلى القول «خانت البلد، بلدها اللي على أيام حافظ الأسد الله يرحمه، هو الذي بعثها إلى روسيا وكانت من ذوي الاحتياجات الخاصة وصلّح لها أجرها».
كلام شارعيّ كما هو واضح، لكن من تسنّت له مشاهدة المقابلة صوتاً وصورة لا نحسبه يزعل من جورج وسوف قدر ما سيزعل عليه.
إن العتب، كل العتب على القناة التي أجرت المقابلة (القناة التاسعة)، إذ من المعيب حقاً اصطياد الفنانين في عمر التعب والمرض، أو في أوضاع نفسية لا تليق للتلفزيون.
يجب أن يضاف إلى بيان حقوق الإنسان حق عدم الاصطياد من قبل برامج ومحطات للفنان في أوضاع نفسية أو صحية هي أقرب إلى الهذيان.

مجد القاسم يغني مع وزارة الداخلية

تقول الأخبار القادمة من مصر إن المطرب السوري مجد القاسم انتهى من تصوير أغنية جديدة بعنوان «الشعب المصري».
بقية النبأ أن وزارة الداخلية المصرية هي من أنتج تلك الأغنية. صحيح أن الأمر لن يتغير كثيراً بين وزارة السياحة أو وزارة الإعلام ما دامت كلها تحت سقف السيسي، لكن ما دامت الأغنية تسير بين أروقة وزارة الداخلية فالشعب المقصود لن يكون سوى الشعب الآخر، شعب السيسي.
بقليل من البحث على يوتيوب وجدت أغنية وضعت تحت عنوان «مجد القاسم شقيق فيصل القاسم يغني الثورة السورية»، الأغنية حملت عنوان «تعبان ع بلدي»، لن تجد فيها كلمة واحدة تميل إلى الثورة، فالفنان يذهب بعيداً في التاريخ، حتى أبعد قليلاً من الفانتازيا التاريخية، ليخبرنا بأن قابيل قتل هابيل في بلده، وعلينا أن نفهم المغزى من الحكاية.
أما في مصر فهو غالباً ما يذهب فوراً إلى معادلات واقعية تماماً، يغني للجيش وللشعب، ومباشرة من وزارة الداخلية، وفي عزّ الخراب المصري العميم.

إعلام بالإكراه

يذكّر سؤال المذيعة على إحدى قنوات الإمارات للفنانة ديمة الجندي «قديش حلو ينعمل هالمهرجان بدبي؟»، بأسئلة مكررة من الطراز نفسه على شاشات التلفزيون السوري، لطالما سمعنا هذه الطريقة بالسؤال «ما رأيكم باللباس الجامعي الموحد، هذه الظاهرة الرائعة؟»، وبالطبع ليس بوسع الجمهور «الحبيب» إلا أن يقدم إجابة واحدة «إنها طبعاً ظاهرة رائعة».
هذه ليست أسئلة إيحائية وحسب، إنها نوع من الإكراه. يبدو أن الأمر لا يتعلق بالأحزاب وأنظمة الحكم الشمولية فقط، فالقنوات التي لا تقرأ، ولا تريد أن تعرف أن الإعلام علم وقواعد وأصول، لن تنتج سوى إعلام مماثل لأكثر التجارب تخلفاً وبدائية.

 

 

القدس العربي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى