مجزرة «خان شيخون» تُشعل ثورة الكترونية جديدة ضد الأسد وتشغل النشطاء العرب

 

اشتعلت شبكات التواصل الاجتماعي مجدداً بالغضب ضد نظام بشار الأسد بعد المجزرة البشعة التي راح ضحيتها عشرات الأطفال والمدنيين في بلدة «خان شيخون» القريبة من إدلب، وهي المجزرة التي تبين أن الضحايا فيها سقطوا بالأسلحة الكيميائية والغازات السامة، فيما تجددت المطالبات والحملات على الانترنت الداعية لإسقاط النظام ومعاقبة المسؤولين عن المجازر التي ارتكبها ضد المدنيين.
وكان أكثر من مئة قتيل مدني وأكثر من 400 جريح سقطوا في مجزرة «خان شيخون» الأسبوع الماضي بهجوم تبين أنه تم باستخدام الأسلحة الكيميائية واستهدف مستشفى في المدينة التي سرعان ما تحولت إلى منطقة منكوبة وشهدت نزوحاً جماعياً بعد المجزرة. لكن النظام السوري نفى ضلوعه في المجزرة واتهم «جماعات إرهابية مدعومة من دول غربية» بالضلوع بها، وأكد المندوب السوري في مجلس الأمن أن بلاده لا تمتلك أصلاً أسلحة كيميائية ولم تستخدمها في السابق كما لن تستخدمها مستقبلاً، على حد تعبيره.
وأثارت المجزرة موجة من التنديد والاستنكار العالمي كما دفعت مجلس الأمن إلى عقد جلسة خاصة استمرت عدة ساعات لمناقشة المجزرة التي تشكل انتهاكاً للقانون الدولي وجريمة ضد الإنسانية بسبب استخدام الأسلحة المحرمة دولياً فيها، بينما انشغلت وسائل الإعلام العالمية باستنكارها وإبداء الغضب منها، أما على شبكات التواصل الاجتماعي العربية فاندلعت حالة من الغضب وصلت إلى درجة «الانتفاضة الالكترونية» التي تطالب بمعاقبة النظام السوري عن جرائمه بحق شعبه.


وأطلق العديد من النشطاء العرب غير السوريين حملات على «تويتر» و»فيسبوك» للتنديد بالمجزرة ومطالبة العالم بالتحرك إزاءها، حيث أطلق نشطاء الوسم (#ياعرب_صمتكم_خيانة) وأطلق آخرون الوسم (#خان_شيخون) والوسم (#سوريا_تُباد) والوسم (#العالم_يتفرج) وغير ذلك من الوسوم التي تصدرت قوائم الهاشتاغ الأكثر تداولاً في العديد من الدول العربية، في مشهد تضامني عربي مع الشعب السوري.
وكتبت المذيعة في قناة «الجزيرة» خديجة بن قنة: «الإجرام الأسدي: يوم دموي في خان شيخون 100 شهيد وأكثر من 400 مصاب غالبيتهم من الأطفال في غارات بالصواريخ الفراغية المحملة بمواد سامة نفذها طيران النظام السوري فجر اليوم على خان شيخون».
أما المذيعة في قناة «العربية» فكتبت تقول: «عندما يتحدث النظام السوري عن سلامة المدنيين يجب أن يحدد مَن مِن السوريين يعتبرهم اصلاً مدنيين؟».
أما الاعلامي موسى العمر فكتب مغرداً على «تويتر»: «مجزرة خان شيخون وهذا العالم المتوحش.. متابعة نافعة فطعم الموت في أمرٍ حقير كطعم الموت في أمرٍ عظيم».
ونشر الناشط محمد العرب صورة لضحايا مجزرة «خان شيخون» على «تويتر» وغرد إلى جانبها قائلاً: «بشار الأسد ينتزع لقب السفّاح بجدارة من كل طواغيت الأرض ونحن نستحق الشفقة لضعفنا وتخاذلنا». وكتب الشيخ السعودي سعد عبد الله بن غنيم معلقاً على المجزرة: «لك الله يا خان شيخون فقد خان العالم كله وتنكر للمبادئ التي يلوكها صباح مساء، لكِ الله يا خان شيخون فقد فضحتِ نفاق العالم الذي يزعم التحضر».
ونشر الإعلامي الفلسطيني المقيم في أوروبا حسام شاكر صورة على «تويتر» لطفلين اثنين من ضحايا المجزرة السورية، وكتب معلقاً: «رحل الشقيقان.. بعد أن ضاق عالم منزوع الإنسانية بابتسامتهما البريئة».
أما الصحافي والإعلامي القطري المعروف جابر الحرمي فكتب مغرداً على «تويتر»: «العالم كله يتحدث عن مسؤولية النظام السوري المجرم عن خان شيخون وملايين القتلى والمهجرين.. والعالم نفسه يصر على بقاء المجرم.. جريمة مزدوجة».
وعلّق الناشط والمحلل السياسي محمد مختار الشنقيطي: «لا تصدِّق قاتلا فيما يقول. فالذي يستبيح القتل يستعذب الكذب» أما السياسي الكويتي حاكم المطيري فكتب يقول: «روسيا لم تستخدم الغاز المحرم دوليا لقتل أطفال سوريا هي فقط زودت بشار بالطيران والقنابل ودمرت المستشفيات التي تعالج ضحايا قصفه!».
وكتب الشيخ السعودي محمد العريفي على «تويتر»: «ما وقع في خان شيخون يتألم له كل من له قلب حي، وسلوك الطرق المعتدلة الصحيحة لنصرتهم يُغلق الباب في وجه العابثين المستغلين لهذه الأحداث».
وغرَّد الناشط هادي الأمين قائلاً: «يبقى أن الأسد ونظام إيران وحزب الله مسؤولون، قبل مجزرة خان شيخون وبعدها، عن تناسل الكوارث في سوريا.. وغارقون أبداً، في بحرِ مهانة ودم».
وكتب أحد النشطاء: «سوف يكتب التاريخ بأحرف من دم ان العالم لم يفعل شيئاً منذ خمس سنوات والشعب الأعزل يذبح من كل الطوائف والملل».
أما السعودي بدر الجهني فكتب يقول: «وصمة عار تضاف إلى أمة الذل والسكوت، اين من يدعون حقوق الإنسان، هل براءة الأطفال أصبحت إرهابا».

الصحف العالمية: المجزرة الأسوأ

وطغت صور الضحايا وأخبار المجزرة على الصحف العالمية ليومين أو أكثر، وسط حالة من السخط والتنديد لاستخدام السلاح الكيميائي ضد المدنيين، فيما اعتبرت العديد من الصحف الغربية أن الهجوم هو الأسوأ الذي يستهدف مدنيين على مستوى العالم منذ سنوات.
وقالت صحيفة «نيويورك تايمز» في افتتاحيتها إن الهجوم ينم عن «نذالة» الأسد ومن يدعمونه، لا سيما روسيا وإيران، كما أنه – حسب الصحيفة- يمثل «دلالة جديدة على زعيم له سجل من الوحشية يعود لعام 2011 عندما وجّه أسلحته صوب محتجين سلميين».
وأضافت الصحيفة أن الهجمات بغاز الكلور باتت «نمطا معتادا» تقريبا في شمالي سوريا، لكن أطباء وشهود عيان آخرين قالوا إن قصف خان شيخون، وما أسفر عنه من سقوط عدد كبير من الضحايا، استُخدمت فيه على الأرجح غازات أعصاب وغازات سامة محرمة وأكثر فتكا.
وقالت إن الأسد بتصرفه هذا، ربما يظن أنه سيفلت من العقاب هذه المرة أيضا بفضل روسيا التي تدخلت عسكريا لإنقاذه من هزيمة على يد المعارضة المسلحة عام 2015 ونقضت مشروع قرار مجلس الأمن الدولي في شباط/فبراير الماضي بفرض عقوبات على سوريا جراء استخدامها براميل متفجرة مملوءة بغاز الكلور عامي 2014 و2015.
أما جريدة «واشنطن بوست» الأمريكية فقد تناولت في تحليل إخباري بيان ترامب بشأن الهجوم على خان شيخون وأنحى فيه باللائمة على إدارة سلفه باراك أوباما.
وقالت الصحيفة إن ترامب خصص نصف بيانه للحديث عما فعلته الإدارة السابقة وما لم تفعله، وأقرت بأن إدارة أوباما تستحق النقد لأنها لم تتمسك بسياسة «الخطوط الحمراء» تجاه الرئيس السوري بشأن استخدام الأسلحة الكيميائية.
وخلصت «واشنطن بوست» إلى أن سياسة ترامب المعمول بها في هذا المقام تبدو «أقل تشددا» من تلك التي انتهجها أوباما، وهي تقوم على إبقاء الأسد في السلطة بذريعة الحاجة لمحاربة تنظيم الدولة الإسلامية أولا.
أما صحيفة «ليبيراسيون» الفرنسية فوضعت صورة لضحايا المجزرة من الأطفال على خلفية سوداء، وكتبت فوقهم بالخط الأبيض الكبير عبارة: «أطفال الأسد».
وكتبت الصحيفة على صفحتها الأولى أنه وفقاً للمعلومات التي جمعتها ميدانياً، ووفقا لكل الشهود، فإن النظام السوري قصف مدينة خان شيخون بأسلحة كيميائية، ما أدى إلى وفاة 74 شخصا وإصابة أكثر من 500.
يشار إلى أن مجلس الأمن الدولي عقد جلسة مفتوحة لنقاش الوضع في سوريا بعد المجزرة، وانتهت الجلسة دون التصويت على مسودة مشروع القرار الذي تقدمت به كل من بريطانيا وفرنسا.
ونصَّ مشروع القرار الذي تبنته بريطانيا وفرنسا على إدانة استخدام الأسلحة الكيميائية بأشد العبارات، ويشير كذلك بالتحديد إلى يوم استخدامها في بلدة خان شيخون.
ويشير إلى إعلان لجنة التحقيق المشتركة والتابعة للأمم المتحدة ومنظمة حظر الأسلحة الكيميائية، والتي تقوم حالياً بالتحقيق في حالات أخرى، عن مباشرتها بجمع المعلومات والتحقيق لتحديد الجهات المسؤولة عن الهجوم الأخير.
وطالب مشروع القرار من النظام السوري تقديم خطط طيرانه والمعلومات المتعلقة بالعمليات العسكرية التي قام بها في الرابع من نيسان/أبريل، أي يوم وقوع الهجوم.
ونص المشروع كذلك على تسليم أسماء قادة أسراب المروحيات والسماح للمحققين بالدخول إلى القواعد العسكرية التي قد تكون الطائرات قد انطلقت منها. كذلك السماح بلقاء عسكريين وجنرالات وغيرهم لاستجوابهم حول الموضوع، خلال خمسة أيام من تقديم طلب اللقاء. ونص مشروع القرار على فرض عقوبات بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة.

 

 

 

 

 

القدس العربي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى