أيمن زيدان: كيميائي الوطن أرحم من بارفان الغربة… وعندما رفضت «سي أن أن» عرض مقابلة بشار الأسد… والمرأة السعودية: البيانو قبل قيادة السيارة

 

رفضت قناة «سي أن أن» عرض مقابلة بشار الأسد ما بعد كيماوي خان شيخون، التي أجرتها وكالة الصحافة الفرنسية (أ ف ب)، معتبرة إياها جزءاً من «بروباغندا النظام الوقحة لإنكار حصول المجزرة الكيميائية».
(أ ف ب) بدورها أكدت أن المقابلة تم تصويرها بإشراف مسؤولين حكوميين، وأن عدداً قليلاً من الأسئلة والأجوبة تمت الموافقة عليه قبل بثها للعالم. كذلك فإن المقابلة لم تعرض كاملة إلا بعد الحصول على موافقة النظام السوري، الذي أراد عرضها على التلفزيون الرسمي.
موقف القناة، بقدر ما يدين بروباغندا النظام، ينطوي على انتقاد لا يقل قسوة لأداء وكالة الصحافة الفرنسية، صاحبة المقابلة، فأي إنجاز إعلامي حين تخضع الوكالة العريقة لشروط النظام؟ إن انصياعها يعني شيئاً واحداً: مادة مصنوعة بمقاييس محلية، أي رسمية ناطقة باسم النظام، ولكن بفريق أجنبي. بعبارة أخرى ذلك يعني أن النظام استأجر فريقاً أجنبياً محترفاً له سمة العراقة والحرفية العالية، ليبعث عبره رسالة بمضامين خشبية، بروباغندا للقتل والتزوير والإنكار.
بعبارة أدق: لقد كان الطاقم الذي أجرى المقابلة فريقاً مأجوراً.

كيميائي أيمن زيدان

«كيميائي بالوطن ولا بارفان بالغربة». آخر كتابات الممثل والمخرج السوري أيمن زيدان على صفحته على فيسبوك. زيدان كتب هذه العبارة من على بعد 323 كم، حيث لا يمكن لغاز السارين أن يقطع كل هذه المسافة. إنه مطمئن تماماً من أنه لن يكون من بين المصابين، لا خشية لديه من أن يمسّ السارين أياً من أبنائه (حماهم الله من كل سوء)، سيكون بإمكانه أن يتشدّق كما يشاء ما دام لن يدفع الثمن.
في إمكان كلمات زيدان أن تختصر نظرية الصمود، تلك الخاصة ببعض سكان دمشق، المقيمين منهم خصوصاً تحت بنادق الحرس الجمهوري، والفرقة الرابعة، وميليشا الدفاع الوطني، وغيرها من ميليشيات أفغانية وعراقية ولبنانية وإيراينة، أي تحت حراب المجرم نفسه الذي أطلق غاز السارين على سكان خان شيخون فقتل أربعة وثمانين مدنياً من بينهم 27 طفلا و19 امرأة.
لا يعرف أيمن زيدان شيئاً عن المجزرة، أو لعله أشاح بوجهه عنها وعن أخبارها، لا توحي كتاباته بأنه تأثر، وهو المرهف الحساس الملتقط لروائح زوايا دمشق وعرائشها وياسمينها، لذلك بإمكانه أن يكتب كما يشاء عن البقاء والصمود، ما دامت لديه المقدرة على رشوة جندي الحاجز بعنقود عنب، وضحكة صاخبة، وهتافات. بئس الصمود، وبئس الوطن إن كان كيماوي خان شيخون هو الوطن.

وحوش «الميادين»

تلفتني دائماً توصيفات المذيع اللبناني زاهي وهبي بحق الربيع العربي، الذي لم يلفظ اسمه مرة بشكل صحيح، فهو تارة يسميه بـ «الجحيم العربي»، وتارة أخرى بـ «الخراب العربي العظيم»، متألماً من «انكشاف المستور من الضغائن والأحقاد والكراهيات»، وقطع الرؤوس، إلى ما هناك من عبارات أطلقها في حلقة حوارية من «بيت القصيد» مع الروائية اللبنانية نجوى بركات.
ما يلفت هو هذا التعالي، الذي يحاول التقاط الواقع بمنديل، برؤوس الأصابع. كما يلفت أن وهبي يطلق بكائياته على الواقع العربي من غرف قناة «الميادين»، من دون أن يتأمل دور إعلام التزوير بإطلاق وحوش الواقع، وتبرير ثقافة الدم وقطع الرؤوس، من دون أن ينتبه إلى أن الحرب بدأت بالذات من تلك الميادين.

قيادة المرأة للبيانو

لو بحثتَ على محركات البحث على الانترنت عن كلمتي «بيانو» و«السعودية» لوجدت عدداً كبيراً من أسئلة البحث عن عازفين في إمكانهم القيام بالتدريب، هذا ربما ما يفسر احتفال قناة «العربية» بالعازفة الشابة هدية البساتنة وتقديمها على أنها أول مدربة سعودية تعلّم العزف على البيانو في جدة.
البرنامج تحدث عن معارضة وهجوم تعرضت له العازفة المدربة من سعوديين، وبالطبع علينا أن نتوقع ذلك، حتى لو تحاشى البرنامج، وكذلك ضيفته، الحديث عن أسباب المعارضة إلا تلميحاً.
اهتم برنامج «صباح العربية» بأن يظهر العازفة وحسب، يبدو أنه يعتبر معركته تنتهي عند هذا الحد، من دون الخوض في وعورة التفاصيل. هنا لا يمكن إلا أن نستحضر الموضوع الأزلي الشائك، أي قيادة المرأة السعودية للسيارة. يبدو أن موضوع القيادة ذاك ما هو إلا عنوان عريض للحرية، يصلح مدخلاً لحلول اجتماعية وسياسية، وقبل كل شيء يفتح الطريق لقيادة المرأة للبيانو.

كاتب من أسرة «القدس العربي»

 

راشد عيسى

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى