باسم ياخور يفسر تأييده لبشار الأسد .. وبوتين يعزف البيانو بيد ويروّع العالم بيد
كنت أشاهد فيديو طريفاً عن نائب برلماني أسترالي «تشردق» بحبة رز فيما يتناول طعامه ويتفرّج على مسلسل كوميدي تلفزيوني. ضحك الرجل فوجد نفسه بعدها بقليل في قسم الإسعاف في المشفى، بثلاث قطب قرب إحدى عينيه. ضحك فاختنق فهرع باتجاه المطبخ ليجد نفسه يصطدم بالجدار وأشياء أخرى في سلسلة حوادث دامية. الموقف الطريف سجل في فيديو تناوله عدد من تلفزيونات العالم في فقرات المنوعات.
كنت أشاهد ذلك الفيديو عندما دهمتني مقابلة للممثل السوري باسم ياخور في برنامج «بوضوح» على قناة «الحياة» يجيب على سؤال «لماذا تؤيد بشار الأسد، وهل تعتقد أن ذلك التأييد أفقدك بعضاً من جمهورك؟».
دعك من هزل جريان بعض كلام السياسة على لسان ذلك الممثل، من قبيل «ضرورات المرحلة»، «الانقسام الذي ألقى بظلاله»، «أنا مع فوز السيد الرئيس بشار الأسد لأنه ضمانة ضد تقسيم سوريا، هو ضامن لسلامة ووحدة الأراضي السورية»، «فصائل مرتهنة لأوامر دولية»، و»أنا مع مؤسسات الدولة بما فيها الأجهزة الأمنية».. دعك من كل كلام السياسة على لسان ممثل معروف أنه من مستخدَمي النظام المثابرين، فقد لفتتني تلك الجرأة وهو يقول «أنا ضد قصف المناطق التي فيها سكان»، قلت لنفسي ها قد بدأ ياخور يشق طريقاً مستقلاً، ليتبع جملته تلك بـ «لكن» كبيرة، قال بعدها: «لكن اليوم كثير من المسلحين احتمى في هذه المناطق، وكثير من المسلحين سيطروا عليها ويستخدمونها من أجل قصف الأماكن التي يقيم فيها مدنيون في مناطق موالية للنظام. اليوم عشرات قذائف الهاون وصواريخ الغراد تسقط يومياً على دمشق. أكثر من 850 قذيفة هاون في الشهرين الفائتين نزلت على مدينة دمشق، قتلت طلاب مدارس، قتلت ناس ماشيين في الشارع لا ذنب لهم إلا أنهم كانوا ماشيين في الزمان والمكان الخطأ، هل الرد على نظام مستبد، كما تقولون، يكون بإلقاء قنابل وقذائف عشوائية على مناطق ليس فيها أي عناصر من العسكر».
مطولة ياخور تلك، التي جاءت بعد إعلانه رفض قصف النظام لمناطق فيها مدنيون، وهو اعتراف جيد على كل حال، كانت أقرب إلى قصف تمهيدي، إنها تبرير للقصف، وليست رفضاً له.
لا يستطيع ياخور أن يخرج من جلده مهما حاول أن «يتفصحن» ويأخذ موقفاً ما متعاطفاً مع «السكان»، تماماً كما لا يستطيع أن يخرج من ثوب الممثل الهزلي، الهزلي وحسب، مهما حاول من كلام المثقفين.
أنا أيضاً كدت أختنق، مثل ذلك النائب الاسترالي، لكن من قهر وغثيان من طوفان الفضائيات الذي أتاح لأي كان أن يتحدث للجمهور، بل ويبقى مرغوباً على الدوام وله الأفضلية في العديد من القنوات، مهما قال.
سينما في حي القابون
أوائل التظاهرات السورية، مع بدايات العام 2011، هاتفت المخرج السوري عبداللطيف عبدالحميد، صاحب «رسائل شفهية»، و«ليالي ابن آوى»، وسواهما من أفلام، كي أعدّ خبراً عن فيلم كان يصوره عندذاك في حي القابون الدمشقي. سألته أولاً لماذا حيّ القابون فقال لأنه يشبه الأحياء القديمة في مدينة اللاذقية الساحلية، التي لم تعد موجودة، وقد يكون ذلك الحي الأكثر تعبيراً عنها. سألته كذلك، وقد كان الحي الدمشقي نقطة بارزة في التظاهرات، إن كان لحظ ما يجري في الحيّ، وهو تقريباً أنكر، ثم استخفّ، ثم أعلن تقززه (هذه حرفياً) من الشعارات التي يطلقها هؤلاء.
تذكرته أمس، تذكرت تلك المقابلة، وقد بات فيلمه الآن بين يدي الجمهور، ربما كآخر وثيقة عن صورة الحي قبل التدمير الفظيع الذي لحق به.
تذكرت المخرج السينمائي الموالي للنظام في دمشق، وبودّي لو أعرف إن كان ما زال على إنكاره واستخفافه، وما الأكثر إزعاجاً بالنسبة إليه، شعارات أهل القابون، أم تدميره بالبراميل؟ هل كانت شعارات أهل القابون تستحق ذلك القصف التاريخي!
الحناوي وصباح فخري
نُقل عن المغنية السورية ميادة الحناوي قولها لقناة «التاسعة» التونسية بخصوص «ولائها المعلن للنظام السوري ومبايعتها للرئيس بشار الأسد»، على حد تعبير الخبر، إن «السيدة أم كلثوم غنت للملك فاروق والزعيم عبد الناصر، هو رئيس بلدي ما الخطأ أن أغني له»، ووجهت رسالة قائلة «حبوا بعضكم أكثر وان نشاء الله ينتحر الإرهاب عن كل الوطن العربي».
وأضافت الفنانة «يجب على الفنان عدم الظهور إعلامياً عند الوصول لعمر معين وهذا ينطبق على الفنان صباح فخري الذي لا تسمح حالته الصحية بالظهور، ولكن ابنه هو اللي بيطلعو رغماً عن إرادته».
أصدق ما قالته الفنانة في مقابلتها تلك أنه «يجب على الفنان عدم الظهور إعلامياً عند الوصول لعمر معين». لا يتعلق الأمر هنا بتصريحات سياسية، بل معروف أن صوت المغني له عمر، ومن النادر أن يحتفظ المرء بصوته نضراً ومتقناً إلى آخر العمر. لا بد للمغني أن يعتزل في الوقت المناسب.
بوتين عازفاً
يستعرض الرئيس الروسي بوتين مهاراته في العزف على البيانو، بينما ينتظر لقاء الرئيس الصيني في بكين. يقول الخبر إنه عزف مقاطع من أغان تعود للحقبة السوفيتية التي تتغنى بموسكو ومدن روسية أخرى.
غريب كيف لا تضيف صورة بوتين لاعباً على البيانو أي إضافة إنسانية، مثلما يحدث حين ترى الرئيس الكندي، أو المستشارة الألمانية ميركل على سبيل المثال، في مواقف مماثلة. يصعب أن يتعاطف المرء، أو يرى في عزف بوتين جانباً آخر رؤوفاً في شخصيته، غير ذاك الذي نعرفه عن صورة القاتل، أو صورة المدافع عن القتلة، الممهد لهم الطريق بفيتو مديد وتفويض مفتوح.
بقدر ما تبدو إنسانية زعماء آخرين أصيلة ومؤثرة تبدو عند بوتين مزيفة، كأنها بالضبط استكمال لعدّة الطاغية، الذي يريد أن يفهمنا أنه «كليّ القدرة» متمكن من كل شيء، يركب الخيل في سيبيريا، يقود الطائرات لمكافحة الحرائق، يغوص في أعماق بحيرة بايكال جنوبي روسيا، يداعب كلباً يابانياً، يعزف بيانو في الصين، ويقصف مشافي السوريين بلا هوادة.
أصابع بوتين تعزف على آلة البيانو، ذاتها التي تهدد العالم بالموت والفناء!
راشد عيسى | القدس العربي