السياسة بين فنانين فلسطينيين… ومسيحي في صلاة الأقصى نجم في الإعلام .. راشد عيسى
لعلّها مجرد مصادفة أن تعرض «فرانس24» في يوم واحد، وبفارق ساعات فقط، مقابلتين مع فنانيْن فلسطينيين. مصادفة أخذتنا تلقائياً للمقارنة بينهما.
الأول هو راقص كلاسيك (الفنان أحمد جودة)، فلسطيني سوري، خرج من دمشق إلى هولندا منذ شهور فقط، وهو لا يتردد في القول إنه أصبح عالمياً في غضون تلك الشهور.
يقول جودة إن أهله في دمشق عانوا بسبب شهرته، ممن؟ من أعداء الثقافة، أعداء التاريخ، الغرباء الذين دخلوا بيتهم فكسّروا اللوحات والآلات الموسيقية، فما كان من الأهل إلا أن اشتكوا للسلطات.
ولكن من هم الأعداء؟ تسأل المذيعة، فيجيب: «داعش، والقاعدة».
ليس من الصعب التعرّف على أصدقاء جودة وأعدائه، فهو يظهر في بداية الحلقة، في فيديو راقصاً على مسرح مدينة تدمر الأثري بعد إعلان النظام السوري وروسيا انتصارهم هناك على «داعش». ليس للفنان عدو سوى «داعش». وقد اختار على ما يبدو الرقص ضمن أجندة النظام الاحتفالية هناك.
ومع ذلك، ورغم هذا التموضع، يؤكد جودة أنه بعيد عن السياسة: «علاقتي فقط بأبي وأختي وطلابي. لا يهمني أي توجّه سياسي». فقط حين يسأل عن الأعداء الآخرين سيتنكر جودة للسياسة. إنه هنا راقص وحسب!
يكفي أن نشاهد بعد مقابلة جودة مقابلة مواطنه خالد جرار، الذي بدا يتنفس قضيته، فلسطين. كل كلمة مشروع فني جديد ومدهش، منطلقه ومصبه فلسطين ومحاربة الاحتلال. حتى لو ذهب إلى المكسيك سيكون شاغله جدار الفصل العنصري الإسرائيلي.
وهو رغم تعدد مشاريعه وتنوعها وتناثرها في أرجاء العالم، لم يقل مرة إنه فنان عالمي ومشهور ومحظوظ كما جودة. هذا فنان يعلمك روعة الانتماء إلى قضية، وقبل ذلك روعة التواضع.
الأدونيسية تتمدد
مسيحي في صلاة الجمعة في القدس. هكذا عنونت «سي أن أن» العربية مقابلة مع الشاب الفلسطيني نضال عبود الذي انتشرت صورته وهو يصلي مع الإنجيل وسط مصلّي الجمعة أمام المسجد الأقصى.
أشارت الـ «سي أن أن» إلى الانتشار الكبير الذي لقيته الصورة. ولعل الأمر يستحق، رغم ما يقوله البعض بأن مشهد التضامن الديني عادي في فلسطين. نعم هذا مكرر، ولكنه ليس معتاداً، وإلا لماذا قوبل بهذا الزخم (انظروا كيف استقبل الشاب في قنوات فلسطينية من بينها تلفزيون فلسطين)، ولما احتل الخبر هذه الأماكن الإعلامية البارزة.
إنه خصوصاً في الظروف العربية الراهنة يُكْسِب نضالَ الفلسطينيين معنى أبعد من معركة من أجل مكان للعبادة.
لكن رغم هذا التقدير والتداول للصورة لم تعدم من يعترض ويسخر، كما فعل سينمائي سوري «متفهمن» (نضال الدبس) حين كتب على صفحته في فيسبوك متهمكاً: «إنو شو يابا. شب عم يقرا كتاب بين المصلين عند المسجد الأقصى.. إنه إنا لازم هلّل للوحدة الوطنية، حاجة ولو، والله هرمنا على هالشغلات».
لا ندري إن كان السينمائي السوري سيغدو أكثر سعادة ورضى لو كان المشهد حول الأقصى «داعشياً». ليس تعليق هذا السينمائي سوى أحد تجليات الأدونيسية وهي تتمدد (نسبة للشاعر السوري أدونيس الذي عُرف عنه انتقاده للتظاهرات في سوريا لخروجها من المساجد).
سنرى ما سيقول أدونيس نفسه عن انتفاضة ضد إسرائيل تبدأ من المسجد الأقصى.
ثورة في الصين ضد إعلان سيارات
شبه ثورة تحدث في الصين الآن على إعلان لسيارات «أودي» بسبب تشبيهه الفجّ للسيارة بالمرأة، بل، وعلى نحو أدق، الايحاء بأن المرأة يمكن أن تكون مستعملة كالسيارة تماماً. كان الإعلان عرض لحفل زفاف تظهر فيه أم العريس وهي تفحص أعضاء عروس ابنها، أذنيها، أسنانها، والإيحاء بأن التفتيش يشمل أعضاء أخرى. هكذا ينتقل الإعلان فوراً من صور العروس «موضوع الفحص» إلى سيارات «أودي».
مبيعات «أودي» تأثرت بهذه النسبة أو تلك، والغضب على أشدّه في الصين، ولا ندري إلى أين ستصل البلاد، لمجرد إعلان.
وفي ثقافتنا، هل انقضى ذلك الزمن الذي كانت الأمهات تختبرن فيه أسنان العروس إن كانت صالحة لتكسير الجوز، وإن كانت قادرة على الصعود إلى الشجرة، إلى ما هنالك من مهمات مستحيلة في أجندة الحموات؟
عن القدس العربي