
منتجعات محمد بن سلمان: سياحة دينية بـ “المايوه”… والولاء قبل الكفاءة في الأردن… و”الميادين” تفتن بين شبيلات وبهجت سليمان
تبدو الفكرة مغرية نسبيا حسب الفاصل الذي تكرره القناة الثانية في التلفزيون السعودي؛ حيث ستشهد سواحل وشواطئ البحر الأحمر، وليس بحر الخليج، كما يحصل في دبي مثلا نقلة نوعية.. ألعاب وترفيه وأندية وسياح ونساء سافرات بلا حجاب ومنتجعات متخيلة.
لا يمكن لعاقل بعد موجة التطرف الديني أن لا يؤيد ذلك، لكن شريطة أن تقتنع الماكينة السعودية بذلك، وأن لا يكون مجرد برنامج مع “داتا شو” يعرض على الأجانب والأمريكيين بقصد إقناعهم بأن الانفتاح يتقدم ووشيك في المملكة السعودية.
قد ينفع ذلك في الحفاظ على تلك الثروة التي يبددها السعودي الثري في المحيط مثل المنامة أو بيروت أو في لندن وباريس وقبرص، لأن “الكازينوهات” آتية لا ريب فيها… هذا ما قاله معلق على محطة “الجزيرة” عن ما سيحصل قريبا على شواطئ البحر الأحمر مقابل شرم الشيخ والعقبة.
في الأردن عرضت على الحائط الإلكتروني عشرات المرات مشاريع من طراز “كازينو البحر الميت”.. المجموعة التي تصدت للمشروع تحت قبة البرلمان وأمام شاشة التلفزيون الرسمي، هي نفسها المجموعة التي تدفع كل مدخراتها وأموالها في كازينوهات الآخرين على قاعدة “كل إفرنجي برنجي”.
في السـياق السـعودي: منتجعـات البحـر الميـت هي البـداية في عرض إمكانية نموذج “علماني” ومنفتح فقط بالسياحة وليـس بالسـياسـة؛ حيث حريات سـباحة وترفيـه ولعـب تحـت بند الحفاظ على مال السعوديين في الداخل من دون أدنى انتـباه لحريات سياسية او إعلامية أو إصلاح ديمقراطي.
ترامـب يمكـنه أن يقـبل هذا النموذج المشوه من العلمانية مقابل دفعـات شـهرية تسـاهم في تدبيـر 100 ألف وظيـفة لأمريكيـين.
ترقبوا الخطوة اللاحقة في شهر أيلول/سبتمبر: فصل مسمى “خادم الحرمين الشريفين” عن وظيفة “الملك”، والدفع بمكانة روحية فقط لمن يحمل لقب الأول، أما عشرات الآلاف من موظفي المؤسسة الدينية والوعاظ و”المطاوعة” فيمكن نشرهم على سواحل البحر الأحمر لإقامة حفلات من الإرشاد الديني للمبتهجين بمنتجعات محمد بن سلمان ودعم خيار “السياحة الدينية وبالمايوه”.
أؤيد هذه الخطوات وأتمنى أن تترافق مع انفتاح سياسي وحرياتي ولو قليلا حتى نصدق الحكاية.
حزورة الولاء أم الكفاءة
شاهدنا البرنامج الذي بثه التلفزيون الرسمي الأردني مؤخرا عن “الشفافية” في التعيينات العليا، وعن “لجنة انتقاء” دقيقة في المعايير تختار “المتنافسين” على الأقل أمام الأضواء والكاميرات قبل أن يفوز بالموقع سعيد الحظ فقط.
عموما ملاحظتي كالتالي: التعيينات العليا في بلادي تتم بواحدة من وسيلتين فقط.. الصداقة والمعرفة الشخصية ولعب الورق مع المسؤول الأعلى أو المعني و”التزكية”، ويحصل ذلك أصلا في إطار محاصصة بغيضة.
لسنا ضد المحاصصة فهي “لزيزة” في بعض الأحيان، ولسنا ضد الصداقة، فحتى الدول الديمقراطية تأتي بالأصدقاء.. ألم يفعل دونالد ترامب ذلك، ودفع بكل أعضاء العائلة ولعيبة الشطرنج لواجهة المواقع العليا؟
نحن ضد المشهد الذي صاح خلاله أحدهم في اجتماع رسمي مغلق قائلا: لا يجوز أن نهتم بالكفاءة على حساب الولاء… بعد هذا المشهد تماما وضعت وثيقة الأجندة الوطنية على الرف للتذكير فقط.
بصفتي مواطنا.. لمست بأصبعي ما الذي فعله الموالون في بعض المؤسسات من إعطاب وتخريب، ووقفت وجها لوجه أمام معضلة “وفاة الكفاءة” التي تسببت الآن بشبه “شلل عام”.
ما بالكم يا قوم.. أن “الكفاءة” مهمة أحيانا بدليل عدد الجرار التي حطمها فيل الولاء في العديد من المواقع، ولا تسألوني على الأدلة والوقائع لأنها في كل اتجاه.
فتنة “الميادين”
دبت نار الفتنة بسبب شاشة فضائية الميادين بين المعارض الأردني البارز ليث الشبيلات والناطق باسم موتوري النظام السوري الجنرال المطرود من عمان بهجت سليمان.
لا يريد أزلام النظام السوري الاستماع لأي “نصيحة” حتى لو كانت مخلصة وخالصة ومن صديق وكل تهمة شبيلات أنه ألمح مجرد تلميح لضرورة اللعب بقواعد نظيفة الآن من لدن النظام السوري.
النظام السوري يستعرض عضلاته بسبب الانتصار الروسي والتراجع الأمريكي وبهجت سليمان وكيل قنوات المقاومة والممانعة جالس في بيروت ويترصد فقط الأردنيين، الذين لا يعجبونه إذا كانوا رسميين ولا إذا كانوا معارضين سبق أن استضافتهم دمشق.
شبيلات وصف سليمان بأنه “فاتح الدردنيل”.. التعبير “تركي” إلى حد ما، وأزعج الجنرال السوري الذي تدفق يطلق المفردات، على شخصية محترمة وناصحة، من ذلك الطراز الذي يمكن الاستماع إليه في سوق الخضار المركزي وسط حلب.
عموما يثبت النظام السوري لنا نحن معشر المراقبين بأنه في الحرب والسلم واحد.. لا يتغير لا عندما يهزم ولا عندما تحسم الأمور لمصلحته.. بالتأكيد مع هذا النوع من الحلفاء مثل صاحبنا السفير لا يحتاج مستقبل النظام السوري لأعداء.
بسام البدارين | القدس العربي




