هل سمعت يوماً عن الرسم بالقهوة؟ فنان أردني يستخدمها لصنع لوحات لرموز العرب، وهكذا يستخرج منها مختلف الدرجات
كان هذا الفنان الأردني في ذلك الوقت، مشرفاً بقسم الفن في الجامعة العربية المفتوحة في الكويت، كان فناناً يعشق الرسم والكتابة اليدوية للخط العربي، ولكن فنجان القهوة هذا غير حياته.
وقال القرعان البالغ من العمر 45 عاماً لموقع Middle East Eye البريطاني: “قررت أن أتسلى مع القهوة. تناولت قلم الخط العربي الخاص بي وبدأت في رسم صورتي التي كانت مطبوعة على البطاقة”.
https://twitter.com/AlAnba_News_KW/status/1055853749539880960
منذ ذلك الحين، رسم القرعان العشرات من صور الشخصيات الشهيرة باستخدام القهوة، ومنها الشاعر الفلسطيني محمود درويش، وتشارلز داروين، والناشطة الفلسطينية عهد التميمي، وأسطورة الغناء المصرية أم كلثوم وآخرون كُثُر.
وأوضح قائلاً: “عندما أرسم، أستغرق في التفاعل مع مذاق القهوة. وأحاول الربط بين مذاقها والنواحي الجمالية قبل أن أشرع في الرسم”.
إنه يستخدم الفناجين بدلاً من اللوحات
يقول القرعان الذي يعمل أيضاً مصمماً للمجوهرات ويمتلك متجرين للمجوهرات، أحدهما في عمَّان والآخر في الكويت: “رسمي بالقهوة عملٌ فريد لأنني أرسم بورتريهات تفصيلية على مساحات متناهية في الصغر”.
ويستخدم القرعان الصحون والأقراط والقلادات للرسم عليها.
ويمكن أن تبلغ مساحة الرسومات سنتيمتراً واحداً.
الرسم بالقهوة له ثلاث درجات، ولكن لماذا يستغرق كل هذا الوقت؟
“يتطلب رسم الصورة في بعض الأحيان أكثر من ثماني ساعات عمل”، حسبما يقول الفنان الأردني.
ويوضح القرعان أنَّه يستخدم ثلاث درجات من لون القهوة عند الرسم.
وهو يخلط القهوة أيضاً بكميات مختلفة من الماء للحصول على درجات الألوان المختلفة والتي تعطي الصور التي يرسمها مظهراً مميزاً.
وبعض أعماله وصلت قيمتها إلى ألف دولار
تُعرض أعمال القرعان الفنية في منزله في العاصمة الأردنية عمَّان، ولم تُطرح للبيع إلا مؤخراً وغالباً من خلال فيسبوك وإنستغرام. وقرر أيضاً قبول العمولات ورسم صور جديدة للعملاء الراغبين.
ويقول: “تكون معظم الطلبات هدايا لأعياد الميلاد، والتخرج، وحفلات الزفاف.. ويطلبون مني رسم أصدقائهم أو أنفسهم. يرسلون الصورة وأرسمها بالقهوة”.
الرسم بالقهوة دفع القرعان في أكتوبر/تشرين الأول 2018، للمشاركة في يوم القهوة العالمي، في معرض في مجنون قهوة، وهو مقهى في الكويت.
ويأمل القرعان أن يعرض جميع رسوماته في معرض فني في عمَّان يوماً ما.
كما أنه يزاوج بين الخط العربي والموسيقى
يغمس الفنان الأردني أقلاماً خشبية في القهوة كذلك لتسطير كلمات بالخط العربي، تؤلف لوحات تعرض أبياتاً من الشعر العربي أو آيات من القرآن الكريم.
وقبل أن يقع القرعان في حب الرسم بالقهوة فإنه درس القرعان الخط العربي عام 1998 في العراق على يد خليل الزهاوي، رائد الخط العربي (قتل عام 2007).
وأثناء وجود القرعان في العراق، اكتشف أيضاً العلاقة بين الموسيقى والخط العربي، بعد أن بدأ العزف على آلة العود عام 1997.
وقال: “ساعدتني قدرتي على استخدام الخط العربي في الرسم. وبدأت بالرسم على الخشب ثم على الزجاج وعلى فناجين القهوة في عام 1998”.
سمح له اشتغاله بالموسيقى أيضاً باستكشاف هذه العلاقة ودمج موهبته الموسيقية بمهاراته في الكتابة العربية لتأليف مقطوعة مبهجة.
فقد اكتشف أن الخط يتغير بتغير الموسيقى
ويقول: “اعتدت الرسم بالخط العربي والاستماع إلى الموسيقى، وهي اللحظات التي اكتشفت خلالها أنَّ الخط يمكن أن يتغير مع تغير الموسيقى”.
ويقول إنَّ الفنان بإمكانه أن يرسم ويعزف على العود في آن واحد. إذ يستخدم يده اليمنى، لرسم إبداعاته، ويسراه للعزف على أوتار العود ويقول: “ينعكس المزج بينهما في عملي”.
وقد أسس القرعان جمعية الخط العربي والمقام الموسيقي الأردنية في عام 2005 في عمّان.
وهذه أكثر لوحاته شعبية
يتابع حسني أبو كريم، وهو فنان وعميد كلية الفنون في جامعة الزرقاء بالأردن، أعمال القرعان على الشبكات الاجتماعية وخاصة الرسم بالقهوة وزار منزله في عمان.
ووفقاً لأبي كريم، فإن القرعان متمكن من استخدام أداته.
يقول: “من أكثر أعماله شعبية، صورة الفتاة الفلسطينية عهد التميمي التي أصبحت شجاعتها في مقاومة الاحتلال الإسرائيلي مضرب الأمثال على المستوى الدولي. لقد بدأ بالخط العربي ولكنه انتقل إلى استخدام هذا النوع لرسم صور لشخصيات مهمة ترتبط بحاضرنا”.
صورة عهد التميمي من أشهر لوحات القرعان/مواقع التواصل الاجتماعي
وتصور إحدى رسومات القرعان الملك عبد الله الثاني ملك الأردن.
يقول القرعان إنه رسم الملك على طبق بعد أن إدانة الملك ورفضه نقل السفارة الأميركية إلى القدس في مايو/أيار الماضي، مؤكداً أن ذلك سيكون له تداعيات خطيرة على الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط. يقول القرعان: “أنا فخور بالموقف الأردني”.
وهو مؤمن بنظرية محمود درويش عن القهوة.. إنها مرآة اليد وقراءة لكتاب النفس
في نهاية المقابلة مع الموقع البريطاني، يقتبس القرعان بعضاً مما ورد في كتاب ذاكرة للنسيان (1986)، وهو مذكرات شعرية نثرية من تأليف محمود درويش، وتُرجم إلى اللغة الإنكليزية بعنوان (Memory for Forgetfulness).
وكُتبت هذه المذكرات في أحد أيام القصف الإسرائيلي العنيف على بيروت عام 1982 بعد الغزو الإسرائيلي للبنان.
يقول درويش في كتابه: “لأن القهوة، فنجان القهوة الأول هي مرآة اليد واليد التي تصنع القهوة تشيع نوعية النفس التي تحركها”
“وهكذا فالقهوة هي القراءة العلنية لكتاب النفس المفتوح والساحرة الكاشفة لما يحمله النهار من أسرار”، حسب وصف درويش.
ويقول القرعان إنه، مثل قصيدة درويش، يحول القهوة إلى فن ويبرز السمات الفريدة لشخصياته.