70 تحت الصفر | لماذا البرودة الشديدة مهمة للقاح كورونا؟
كانت الجهود العالمية ملحمية في تطوير لقاح فيروس كورونا من حيث سرعتها ونطاقها وتطوراتها العلمية. وبعد أن تم تطوير لقاح فيروس كورونا بنجاح من قبل شركتي فايزر وبيونتك أصبحت قدرة توفير اللقاح بشكل واسع للسكان مهددة بسبب عقبة لوجستية ضخمة وهي الحفاظ على جرعات اللقاح باردة.
تتطلب اللقاحات ضوابط صارمة بشأن درجات الحرارة خشية فسادها. ووفقاً لمنظمة الصحة العالمية فإن حوالي نصف اللقاحات الموزعة حول العالم تذهب سدى، ويرجع جزء كبير لذلك إلى الفشل في التحكم بدرجات حرارة التخزين بشكل صحيح. وهذا بدوره يقوض الجهود المبذولة لإحتواء المرض والقضاء عليه، بحسب “فوكس”.
وتقول ميشيل سيدل، أخصائية سلسلة إمداد المطاعيم في اليونسيف: “تفقد اللقاحات فعاليتها وقوتها إذا ما تعرضت لدرجات حرارة خارج النطاق الذي من المفترض أن تبقى فيه”.
نقطة الضعف هذه تمثل عقبة كبيرة ضد الحملة العالمية في مواجهة فيروس كورونا، حيث أن كل شخص في العالم معرض للخطر، لذلك سيحتاج الجميع هذا اللقاح. ويتطلب احتواء المرض تحصين مليارات البشر حول العالم وبأكبر سرعة ممكنة.
لقاح شركتي فايزر وبيونتك وأيضاً موديرنا تستخدم خيوطاً من المواد الجينية المعروفة بإسم mRNA وهي تتطلب درجات حرارة صارمة. لقاح موديرنا يتطلب تخزينه لفترات طويلة أن يكون عند درجة حرارة أقل من 20 درجة مئوية، ويمكن الإحتفاظ به لمدة 30 يوم بين 2 – 8 درجة مئوية. أما لقاح فايزر وبيونتك فيحتاج درجات أكثر برودة أقل من 70 درجة مئوية.
وتقول الشركتين وغيرها من الشركات التي تتطلب لقاحاتها المرشحة درجات شديدة البرودة إنها تستعد بالفعل لهذا التحدي، وتستثمر في المجمدات والنقل وأجهزة تتبع درجات الحرارة، ولكن مع وجود العديد من محطات النقل، هناك الكثير مما يمكن أن يحدث بشكل خاطئ.
شرح سلسلة تبريد اللقاح
الفكرة هي أنه بمجرد حصول اللقاح على الضوء الأخضر، ستكون هناك جرعات جاهزة للتداول على الفور. وتهدف عملية Warp Speed إلى الحصول على لقاحات كافية لتحصين 20 مليون أمريكي في ديسمبر، و30 مليون آخرين في يناير، و50 مليون في فبراير.
ولكن في هذه المرحلة، يجب أن تنتقل اللقاحات من المصانع إلى مرافق الشحن إلى الشاحنات إلى المستشفيات والعيادات والصيدليات حتى تصل إلى الناس. كل ذلك يجب أن يحدث دون التزحزح عن نطاقات درجات حرارة ضيقة ومحددة.
تعرف سلسلة علميات التسليم هذه في ظل الضوابط الصارمة لدرجات الحرارة بإسم سلسلة التبريد.
وتمثل هذه السلسلة أحد أكبر التحديات لجهود توزيع اللقاح، لأن اللقاحات يتم تصنيعها في عدد قليل من المنشأت حول العالم، مما يتطلب شبكة دولية مترامية الأطراف من مواقع النقل والتخزين للحصول على التطعيمات في أي مكان.
ناهيك عن أن مرافق التخزين الباردة والمتخصصة في تخزين اللقاحات لا توجد إلا لدى المستشفيات الكبرى. وحتى المستشفيات الكبيرة قد لا تمتلك جميعها وحدات التخزين شديدة البرودة اللازمة لتخزين لقاح شركتي فايزر وبيونتك وخاصة بكميات كبيرة.
لكن في كل مرة يتحرك فيها اللقاح، فإن ذلك يعرضه للخطر. الطقس السيء يمكن أن يؤخر شحنات التوصيل، يمكن أن تتعطل المجمدات في شاحنات التبريد، يمكن أن تعلق حاويات شحن اللقاحات على مدرج المطار، وحتى فتح وحدات التخزين بشكل متكرر لنقل الأشياء من داخلها إلى خارجها يمكن أن يضر اللقاحات المخزنة. كل خرق في التحكم في درجة الحرارة يحط من قيمة اللقاح.
لذلك سيحتاج مسؤولو الصحة إلى التخطيط بعناية لضمان الحد الأدنى من الحركة.
ولكن مرة أخرى، يجب أن تتم جهود التطعيم ضد فيروس كورونا على نطاق غير مسبوق. لأنه لا يمكننا الإستيلاء على البنية التحتية للقاحات الأخرى الموجودة بالفعل، حيث لا يزال هناك حاجة للتطعيم ضد أمراض مثل الحصبة والانفلونزا وشلل الأطفال والتهاب السحايا في نفس الوقت.
وهذا يعني أنه يجب إضافة العديد من المستلزمات إلى ما هو موجود بالفعل في السوق.
تتطلب قوارير لقاح فيروس كورونا نوعاً معيناً من الزجاج يمكنه تحمل درجات الحرارة المنخفضة مع إبقائه معقماً، وقد لا يكون هناك ما يكفي من هذا الزجاج لإستخدامه على الفور. حتى السدادات المطاطية المستخدمة على القوارير قد تواجه نقصاً، المحاقن، معدات الحماية الشخصية وحتى الموظفون المدربون على إعطاء اللقاحات يواجهون أزمة في التعامل مع الوباء المستمر. ثم هناك المضاعفات التي تنشأ من لقاحات فيروس كورونا نفسه.
لكن شركتي فايزر وبيونتك قالتا بأن لديهما الحل. جيرسيا بيتس المتحدثة باسم شركة فايزر قالت في رسالة بريد إلكتروني “لقد صممنا خصيصاً شاحنات حرارية يتم التحكم في درجة حرارتها عن طريق استخدام الثلج الجاف للحفاظ على ظروف درجة الحرارة الموصى بها لمدة تصل إلى 10 أيام، وهذا يعني أن شركاء النقل لشركة فايزر سيستفيدون من ذلك”.
ومع ذلك يحتاج لقاح فيروس كورونا إلى جرعتين متباعدتين خلال عدة أسابيع، وقالت سيدل “هذا يعني مضاعفة متطلبات السعة، وبالتالي تعقيد إضافي”. سيتطلب ضمان توفر العدد المناسب من الجرعات في الوقت المناسب للجرعة الثانية لكل فرد سعة تخزين أكبر وتتبع دقيق وتوقيت صحيح للشحنات.
أحد الدروس المستفادة من جائحة فيروس كورونا هو أن تفشي أي مرض في أي مكان في العالم يمكن أن ينتشر عبر الكوكب بأكمله، لذلك يجب أن تصل جهود احتواء المرض إلى كل بلد وفي كل الظروف.
لكن السؤال الذي يلوح في الأفق هو ما إذا كان يمكن إستغلال الموارد المحدودة في البلدان النامية لاستيعاب جهود التطعيم ضد فيروس كورونا، وقالت سيدل “يمكننا أن نستفيد من خبرتنا في البلدان النامية لتطوير إرشادات بشأن ذلك، لكننا نفتقر إلى التمويل”.
ضمان التوزيع السلس والسريع يعتبر أمراً بالغ الأهمية، حيث يموت آلاف الأشخاص كل يوم بسبب فيروس كورونا، لذلك هناك ضغط شديد حول ضرورة تلقيح الناس في أسرع وقت ممكن، وسيتطلب ذلك جهداً متزامناً في الولايات المتحدة وحول العالم.
سيكون الاختبار الحقيقي لسلسة توريد اللقاحات عندما تبدأ قوارير اللقاح في التوجه إلى المستشفيات، والتي يمكن أن تكون في غضون أيام قليلة من الآن.