بعيدا عن التجاذب السياسي.. المهاجرون أبطال على شاشات السينما
بغض النظر عن السجالات الدائرة حول موضوع الهجرة واللجوء الذي أصبح يفرض نفسه في وسائل الإعلام وفي الخطاب السياسي، باتت شخصية المهاجر حاضرة بشكل متزايد في أفلام سينمائية يكون فيها بطلاً، لكن الأمر لا يخلو من حملات كراهية!
يعرض في 7 شباط/فبراير، فيلم “غرين بوردر للمخرجة البولندية أنييشكا هولاند، حول محن المهاجرين العالقين على الحدود بين بولندا وبيلاروسيا. أما في السينما الفرنسية ، فتقع قضية الهجرة في صلب فيلم “لا تيت فرواد” (La tete froide) الذي تنطلق عروضه في 17 كانون الثاني/يناير، ويتناول مهربي المهاجرين في جبال الألب.
وبدأ مؤخرا في عدد من الدول الأوروبية عرض على فيلم Io Capitano (“إيو كابيتانو”)، للمخرج الإيطالي ماتيو غاروني.
يتناول الفيلم قصة مؤثرة لشابين سنغاليين تجمعهما قرابة عائلية يقرران مغادرة بلدهما والانتقال إلى أوروبا لتحسين حياتهما، فيخوضان رحلة محفوفة بالمخاطر، يمشيان خلالها مسافات طويلة مرهقة في الصحراء، ويعانيان التعذيب في السجون الليبية، ويواجهان لامبالاة أوروبا.
حصل “إيو كابيتانو” على عدد من الجوائز في مهرجان البندقية السينمائي الأخير، واختارته إيطاليا لتمثيلها في السباق إلى جائزة الأوسكار لأفضل فيلم أجنبي.
دلالة رمزية
ولهذا الفيلم دلالة رمزية معبّرة جداً في بلد تتولى السلطة فيه حكومة يمينية متطرفة، ويقع على خط المواجهة في موضوع المهاجرين الذين يحاولون الوصول إلى أوروبا.
يروي الفيلم قصة المراهقين السنغاليين سيدو (سيدو سار) وموسى (مصطفى فال)، وهما قريبان يقرران ترك أسرتهما دون أن ينبسا بكلمة واحدة لتجربة حظهما في أوروبا. غيّر الفيلم حياة ممثله الرئيسي سيدو سار، السنغالي البالغ من العمر 19 عاما والذي كانت بالنسبة له أول تجربة سينمائية نال عنها جائزة أفضل ممثل صاعد في البندقية.
وقال سيدو سار في مقابلة مع وكالة فرانس برس في باريس “كنت أحلم بأن أكون لاعب كرة قدم، لكن مشيئة الله” تسود. تم تصوير الفيلم “إيو كابيتانو” في السنغال لكن أيضا في المغرب، حيث التقى سيدو سار بمهاجرين عالقين هناك، بعد العديد من المحن.
يقول “أكثر ما حفزني لصنع هذا الفيلم هو أنني قلت لنفسي إنه قد يأتي أوروبيون لمساعدة هؤلاء الأشخاص العالقين في المغرب منذ حوالي عشر سنوات (…) الفيلم مهم أيضا لأفريقيا لإظهار ما يحصل هناك “.
أشخاص “يحملون ملحمة معاصرة”
اذا كان موضوع الهجرة حاضرا في وسائل الإعلام والخطاب السياسي في أوروبا، فان ماتيو غاروني فضل أن يتطرق إليه في فيلمه بدون أجواء بؤس . لكن بدون أن يتغاضى عن المخاطر على الحياة خلال مسيرات العبور الشاقة. انتهى الأمر بالشابين بالوصول الى إيطاليا على متن قارب مكتظ جدا.
هؤلاء الأشخاص “يحملون ملحمة معاصرة” كما يقول المخرج البالغ من العمر 55 عاما الذي قام بالتوثيق على نطاق واسع في الموقع، خاصة في السنغال. وقال “عند تأليف هذه القصة، كنت أفكر بمغامرة كبرى تعيدنا الى كونراد، الى جاك لندن أو هوميروس”.
وأضاف “لم أصنع هذا الفيلم بهدف تغيير العالم، بل لإعطاء الجمهور الفرصة لعيش هذه المغامرة من منظور مختلف. خلف الأرقام، هناك أشخاص لديهم أحلام مثلنا”.
ردود فعل وحملات كراهية
ومثل فيلم “غرين بوردر”، يتساءل فيلم “إيو كابيتانو” عن مسؤولية الأوروبيين. بحسب الأمم المتحدة فان عبور المتوسط هو أخطر طريق هجرة بحرية في العالم مع إحصاء أكثر من 2571 حالة وفاة عام 2023.
في ايطاليا، تم عرض الفيلم في عدة مدارس كما أكد ماتيو غاروني.
لكن عرض الأفلام لا يمر أحيانا بدون إثارة جدل. ففي 2022 رافقت إطلاق فيلم “أنغاجيه” (Engages)، وهو فيلم فرنسي عن المهاجرين في جبال الألب، حملة كراهية موجهة ضد مخرجته إميلي فريش.
أما أنييشكا هولاند (75 عاما) التي حصلت على جائزة لجنة التحكيم الخاصة في البندقية عن فيلمها “غرين بورد”، فقد تعرضت أيضا لهجمات عنيفة من القوميين البولنديين، قبل أن يخسروا السلطة هذا الخريف في وارسو، وتهديدات بالقتل.
ع.ج.م/أ.ح (أ ف ب)