4 مواقع إستراتيجية تكرر “إسرائيل” استهدافها في سوريا

 

لم تتوقف الغارات الإسرائيلية على أهداف داخل الأراضي السورية منذ سنوات، لدرجة بات فيها القصف الإسرائيلي ممارسة روتينية جعل نظام الأسد يتعايش معها ويتلقاها ببرود أو بلا مبالاة في أغلب الأحيان.

واللافت، إضافة لذلك، أن كثافة الضربات الجوية الإسرائيلية كانت تتركز في مواقع محددة، وهو ما يثير أسئلة عن الطبيعة غير المعتادة لتلك المواقع وأهميتها وأهداف “إسرائيل” من شن ضربات عليها، كما يبدو أن تلك الهجمات ليست معزولة عن الحرب الإسرائيلية على “حزب الله” وجنوب لبنان.

في هذا التقرير، نستعرض أبرز المواقع الإستراتيجية التي تكرر الغارات الإسرائيلية استهدافها، وهي -كما سيتضح- أماكن تستخدمها إيران وميليشياتها المتمركزة في سوريا كبنية تحتية، ولها مكانة حيوية في استراتيجيتها العسكرية على الأراضي السورية.

مطار دمشق الدولي

 

أُنشئ المطار عام 1970 وهو أكبر مطار دولي في سوريا، ويبعد عن العاصمة نحو 25 كيلومترًا في الاتجاه الشرقي، ويشكّل المطار الذي غدا جزءًا من الأهداف العسكرية الواضحة والمتكررة للضربات الإسرائيلية، ميناء جويًا لتأمين الدعم العملياتي والعسكري واللوجستي القادم من حلفاء النظام خاصة إيران.

مثل تهريب المعدّات العسكرية المختلفة، وقطع الصواريخ الدقيقة والمسيّرات إلى سوريا، ومن ثم إلى ميليشيا “حزب الله” في لبنان، إضافة إلى تكوينه قاعدة نفوذ ممتدة نحو مناطق ما يسمّى “الطوق الأمني”، البادئ من مخيم اليرموك جنوب العاصمة مرورًا بأحياء ملاصقة له وهي ببيلا، ويلدا، وبيت سحم، والسيدة زينب، وحجيرة.

حسب ما أحصى “نون بوست”، فإن عدد الضربات الجوية الإسرائيلية التي استهدفت مطار دمشق منذ العام 2013، بلغت 55 ضربة، استهدفت الشحنات المشبوهة بعد وصولها لمطار دمشق أو أثناء تخزينها داخل المستودعات وملاجئ الطائرات المحصّنة، فيما بلغت حالات توقف المطار مؤقتًا والخروج عن الخدمة 10 مرات.

وسجّل العام الفائت 6 ضربات إسرائيلية، كانت المرة الأولى في 3 يناير/ كانون الثاني، حيث أُخرج المطار عن الخدمة قبل أن يعاد تشغيله في 5 أبريل/ نسيان، ثم أُعيد استهدافه مجددًا وأُخرج عن الخدمة بعد بدء عملية “طوفان الأقصى” بأسبوعَين، وتحديدًا في 22 و26 أكتوبر/ تشرين الأول.

 

الضربات الجوية كان هدفها الأساسي استهداف الشحنات الإيرانية، وتقييد فاعلية طرق الإمداد الجوية للإيرانيين، فحسب ما نقلت عدة مواقع إيرانية مقرّبة من الحرس الثوري، أن الكابتن أمير أسد اللهي، أحد طيّاري شركة “ماهان إير” المتورّطة في نقل السلاح وعناصر الميليشيات الإيرانية على متن الرحلات المدنية إلى سوريا، نقل 7 أطنان من الحمولات بالإضافة إلى 200 مسافر إلى دمشق برفقة قاسم سليماني، في يونيو/ حزيران 2013.

داخل مطار دمشق الدولي هناك قاعدة “البيت الزجاجي”، التي تعدّ المقر الرئيسي لقيادة الأعمال القتالية والأمنية واللوجستية لفيلق القدس الإيراني، وتقع في الجهة الشمالية الغربية من صالات المطار، وتبعد عن صالة كبار الزوار مسافة 900 متر فقط.

وقد أُنشئت على أنقاض فندق مطار دمشق الدولي نهاية عام 2014، واشتهرت باسم “البيت الزجاجي”، ويتألف هذا البناء من 180 غرفة موزعة على 5 طوابق: الأول والثاني فوق الأرض والباقي تحت الأرض، والطابق الأخير تحت الأرض يحوي خزائن مليئة بملايين الدولارات التي تنقل جوً˜ا من طهران، ويحوي الطابق قبل الأخير تحت الأرض مشفى لعلاج كبار القادة، والبناء محصّن بجدران مضادة للانفجار، ويحرس البناء حوالي 1000 عنصر مسلح.

تضمّ القاعدة إدارة الاستخبارات الإيرانية في سوريا، مقر قيادة الميليشيات الأجنبية، قسم الدعاية والتوجيه المعنوي، مشفى خاص لكبار الضباط، مقر إدارة مكافحة التجسُّس في سوريا، مركز لتخزين الأموال.

أما المهمة الرئيسية لهذه القاعدة هي قيادة الأعمال القيادية واللوجستية للقوات الإيرانية والميليشيات التابعة لها، مثل فيلق القدس الذي يستخدم جزءًا من هذه القاعدة لاستقبال المقاتلين، إضافة إلى نقل الأسلحة المتطورة تقنيًا مثل الصواريخ دقيقة التوجيه، من إيران إلى “حزب الله” في لبنان.

ومن المهام الموكلة لهذه القاعدة أيضًا السيطرة على مدينة دمشق وريفها بالكامل، وإمداد مختلف المناطق السورية بالمقاتلين، وإدارة الاستخبارات الإيرانية في سوريا، إلى جانب إدارة الحرب الإعلامية ومكافحة التجسُّس على القوات الإيرانية في سوريا والميليشيات التابعة لها، وإمداد القوات والميليشيات بالأموال.

وكانت صحيفة “يديعوت أحرونوت” قد ذكرت أن أجهزة المخابرات الإسرائيلية سمحت بنشر معلومات، لأول مرة، تكشف خط تهريب يديره “حزب الله” والحرس الثوري الإيراني لنقل معدّات صغيرة تدخل في صناعة الأسلحة العسكرية، وذلك عبر استخدام الرحلات الجوية المدنية إلى دمشق وبيروت لتهريب مكونات عسكرية متطورة إلى “حزب الله”، بهدف التخفي عن أعين وكالات الاستخبارات في “إسرائيل” والغرب، تحت غطاء مدني يمرّ عبر أوروبا.

بالمقابل، كثيرًا ما كانت تؤكد وسائل إعلام إسرائيلية أنه في ظل عدم إمكانية تل أبيب التعرف بالضبط إلى ما تحويه حقائب المسافرين الذين يصلون إلى مطار دمشق في رحلات مدنية، فإن سلاح الجو الإسرائيلي يقصف مدرجات في مطار دمشق الدولي.

مراكز البحوث العلمية (مصياف، وجمرايا)

 

تردد ذكر مراكز البحوث العلمية المعروف باسم “CERS” أو “SSRC”كثيرًا على الإعلام خلال سنوات الحرب السورية، وقد كانت منطقة مصياف هدفًا لعدة هجمات في السنوات الأخيرة، نُسبت إلى الجيش الإسرائيلي، باعتبار أن إيران و”حزب الله” يسعيان للاستفادة من هذه المنشآت بغية إنتاج الأسلحة وتطويرها وتخزينها.

وسبق أن ذكر  معهد “ألما” الإسرائيلي، أغسطس/ آب من العام الفائت 2023، أن مركز البحوث العلمية يعدّ قلب الصناعة العسكرية السوري، وفيه تركز إيران على تطوير وتصنيع الصواريخ والقذائف الدقيقة والصواريخ المجنّحة والطائرات بدون طيار على الأراضي السورية.

فيما يشير تقريران أعدّتهما شبكة “بي بي سي” ومجلة “نيوز ويك”  الأمريكية عام 2017، إلى أن النظام السوري ينتج في مركز البحوث العلمية بمصياف ذخائر كيماوية وبيولوجية، كما يتم فيه تصنيع غازات الأعصاب والسارين والتابون.

قاعدة مصياف للبحوث العسكرية

 

تعدّ قاعدة مصياف مركزًا متخصصًا بتطوير وإعداد البحوث العسكرية لقوات النظام، مع سنوات الحرب السورية تحولت قاعدة مصياف المتمركزة في معمل الدفاع والبحوث العلمية، بمنطقة الشيخ غضبان في ريف مصياف غرب حماة، على الطريق الواصل بين منطقة وادي العيون ومدينة مصياف؛ إلى أهم وأخطر القواعد العسكرية الإيرانية، لاحتوائها على مركز رئيسي لتطوير وتصنيع الأسلحة التقليدية كالبراميل المتفجرة، والأسلحة غير التقليدية كالأسلحة الجرثومية والكيمياوية.

في المصياف هناك “المعهد 4000” الذي يضمّ مصنعًا سابقًا للدفاع ومصنعًا للألمنيوم، بالإضافة إلى عدد من المباني الإضافية وورش العمل تحت الأرض والأنفاق، ويحتل المعهد مساحة جغرافية واسعة تشمل أجزاء من الوادي بين مركز مصياف ومدينة المحروسة، وكانت الوظيفة الأساسية له إنتاج صواريخ أرض-أرض.

وأنتج “المشروع 99” داخل المعهد صواريخ سكود SSM بالتعاون مع كوريا الشمالية، ولاحقًا مع خبراء إيرانيين، كما قام المعهد بتصنيع وإنتاج صواريخ باليستية قصيرة ومتوسطة وطويلة المدى من طراز “شهاب 1” و”شهاب 2″، وصواريخ “فاتح”، وقنابل الضغط الحراري ODAB.

وأشرف “المعهد 4000″، الذي صار جزءًا ممّا كان يسمّى “القطاع 4″، على عدد من الفروع والمشاريع التابعة بما في ذلك “الفرع 340″ (متخصص في أبحاث الصواريخ وتطويرها)، و”الفرع 350″ (متخصص في إنتاج الصواريخ)، و”المشروع 99″ (متخصص في إنتاج الصواريخ الباليستية).

في سبتمبر/ أيلول الفائت، شنَّ الجيش الإسرائيلي هجومًا وُصف بـ”غير العادي” على عدة مواقع استراتيجية في مصياف، ومن ضمنها مصنع للصواريخ الدقيقة، وشمل الهجوم “إنزالًا جويًا” لقوات نخبة الاحتلال التي اشتبكت بشكل مباشر مع عناصر تابعة لإيران، حسب موقع “أكسيوس” الأمريكي.

وأضاف الموقع أن الإيرانيين بدأوا بناء مصنع تحت الأرض في عمق جبل في مصياف لأنه سيكون منيعًا أمام الضربات الجوية الإسرائيلية، قبل أن تكتشف أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية عملية البناء وتراقبها لأكثر من 5 سنوات تحت الاسم الرمزي “الطبقة العميقة”، ثم تقوم بعملية برية بعد إدراكها عدم إمكانية تدمير المنشأة بغارة جوية.

تدلّل عمليات الإنزال غير المعتادة داخل العمق السوري على أهمية المنشأة واحتوائها على أسلحة تهدد الأمن القومي الإسرائيلي، وبالمقابل وجود مستوى عالٍ من التخطيط، كما أن استيلاء “إسرائيل” على وثائق ومعدّات حيوية يعكس صورة عملية استخباراتية متطورة، تهدف إلى تقويض البنية التحتية العسكرية لإيران في سوريا.

مركز جمرايا للبحوث العلمية

 

يعتبر مركز جمرايا شديد التحصين واحدًا من أكثر المؤسسات التي تحيط بها السرية، لذا من الصعب الحصول على معلومات دقيقة بشأن ما يحتويه، ويقع خلف جبل قاسيون على مسافة نحو 10 كيلومترات شمال غرب دمشق، وقد تأسّس في ثمانينيات القرن الماضي بدعم من الاتحاد السوفيتي.

تحيط بالمركز الكتيبة 105 بالحرس الجمهوري والفرقة الرابعة، بالإضافة إلى ثكنات عسكرية تتبع للوحدات الخاصة في منطقة الدريج، فيما يركز على الدراسات والأبحاث لتطوير الأسلحة وتخزينها ويتّسم بناء المركز بالسرية، إذ تكون عملياته مدفونة في أنفاق تحت الأرض ومخبأة في الجبال، وتتم مراقبة موظفيه عن كثب والاعتقال أو القتل إذا اعتبروا تهديدًا.

في أبريل/ نيسان 2017، فرضت وزارة الخزانة الأميركية عقوبات على عاملين في المركز، باعتبار أن “هؤلاء الموظفين في معهد البحوث، شاركوا في برنامج وضع الأسلحة الكيميائية منذ عام 2012 على الأقل”.

طالت الغارات الإسرائيلية المركز مرات عديدة منذ العام 2013، آخر تلك الغارات كان في مارس/ آذار الفائت، حيث اشتكى الأهالي آنذاك من انبعاث روائح كريهة انتشرت بشكل واسع تشبه رائحة الكبريت، أو رائحة حريق البلاستيك، متسبّبة في بعض حالات الاختناق الخفيفة.

حسب بحث أجراه مشروع “الأرشيف السوري”، أواخر العام 2020 بالتعاون مع مبادرة “عدالة المجتمع المفتوح” وشركة ArcticWindSolutions المختصة بتحليل البيانات، فإن هناك العديد من الوحدات المهمة داخل مركز جمرايا: “المعهد 1000″، “الفرع 450″، “الفرع 410″، المختبرات البحثية لـ”المعهد 3000”.

“الفرع 450“: أهم الفروع، ويقع داخل “المعهد 1000” (معهد الإلكترونيات) والمسؤول بشكل أساسي عبر الأنفاق والورش الجوفية، وهو المسؤول عن إنتاج وتطوير الأنظمة الإلكترونية والمحوسبة، ونظرًا إلى أنشطة “الفرع 450” شديدة الحساسية، فهو غير مرتبط بمعهد مثل الفروع الأخرى، وهو تحت الإشراف المباشر للقصر الرئاسي نفسه، أما نطاق مسؤوليته تكمن في تخزين وخلط وتحميل الرؤوس الحربية بالذخائر الكيماوية قبل الهجوم.

“المعهد 2000”: يقع “المعهد 2000″ (المعهد الميكانيكي)، في منطقة برزة بدمشق بالقرب من جبل قاسيون، وهو المسؤول عن البحث والتطوير والإنتاج الميكانيكي لبرنامج الأسلحة الكيماوية في سوريا، ويتكون من قسمين، قسم للبحث والتطوير وقسم للإنتاج، وسُمّي قسم الإنتاج بـ”الفرع 410.”

وبدأ “الفرع 410” العمل في عام 2001، وكان مقره في مركز جمرايا، قبل أن يتنقل إلى “المعهد 2000” في برزة بريف دمشق ويعمل بشكل وثيق مع خبراء أجانب، إيرانيين وكوريين.

“المعهد 3000”: كان لدى “المعهد 3000″، المعروف أيضًا باسم المعهد الكيماوي، مختبرات تقع في مركز جمرايا داخل أسوار “المعهد 1000″، وتقع مسؤولية هذا المعهد في إنتاج العوامل الكيماوية، بما في ذلك السلائف، وهي مركّب يشارك في تفاعل كيماوي ينتج مركّبًا آخر، فيما يمارس المعهد نشاطه من خلال العديد من المراكز السرّية المنتشرة في البلاد، الموجودة في الأنفاق أو الجبال.

منطقة حسياء الصناعية

 

تقع المنطقة الصناعية في حسياء، ثالث أكبر تكتل صناعي في سوريا، بريف حمص الجنوبي على الطريق الواصل بين دمشق وحمص وصولًا إلى حلب والمعروف بـ M5، متضمنة مرفًأ جافًّا لنقل البضائع والحاويات (كونتينر) القادمة من موانئ طرطوس واللاذقية.

ولمرتين خلال شهر أكتوبر/ تشرين الأول الفائت، تعرضت منطقة حسياء لقصف إسرائيلي، استهدف معملًا لتجميع السيارات هناك، وأحد المواقع العسكرية حسب وزارة الدفاع في حكومة النظام السوري.

في حين ذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان أن الاستهداف الأول طال شاحنات عراقية محملة بمساعدات خاصة بلبنان، داخل مصنع تجميع السيارات الإيرانية، المعروف باسم “سابا”، بعد أن تحول لقاعدة عسكرية إيرانية ومركز إنتاج عسكري متقدم يمدّ الميليشيات الإيرانية بالمعدّات اللازمة بعد اندلاع الثورة السورية، أما الاستهداف الثاني فقد أدّى إلى تدمير مستودع ذخيرة.

ولم تتبنَّ “إسرائيل” عمليات القصف على حسياء، فمن المعلوم أنه عندما يكون هناك استهداف إسرائيلي يطال عمق الأراضي السورية، لا تتبنى “إسرائيل” القصف بصورة رسمية، حتى أن الإعلام الإسرائيلي يتداول المعلومات بناءً على مصادر أجنبية أو بيانات حكومية سورية دون حتى أن يتلقى تسريبات من الجيش الإسرائيلي، إلا إذا كانت العملية خاصة كما جرى في عملية مصياف.

والجدير بالذكر أنه في العام 2018 عادت عمليات الإنتاج للمصنع، الذي افتتحت شركته “سابا” إيران بحضور رئيس النظام بشار الأسد عام 2007، إلا أن مواقع إيرانية نشرت تسجيلًا للمصنع نفسه يظهر على جدرانه صور لقادة في الحرس الثوري الإيراني، إضافة إلى أشخاص بزيّ عسكري وعمائم بيضاء، يتجولون داخل المعمل، ويتكلمون باللغة الفارسية.

لماذا تتكرر الضربات؟

 

تكرار الهجمات الإسرائيلية على المواقع نفسها يطرح سؤالًا مهمًّا جدًّا حول ما إذا كانت تلك الضربات غير ناجعة في تحقيق أهدافها أم هي قوة تحصين المواقع العسكرية، في ظل ضعف وسائط الدفاع الجوي بجيش نظام الأسد، لا سيما منظومات الدفاع الجوي القديمة المتهالكة من نوع فولغا وبتشورا وإس-200.

حسب رأي العميد والمحلل العسكري الاستراتيجي أحمد رحال، فإن “النظام وإيران اعتمدا على خبرات تحصين كورية شمالية، إذ يشارك الخبراء الكوريون في كل عمليات بناء وتمويه وتحصين المواقع العسكرية السورية والإيرانية، منذ تسعينيات القرن الماضي، وهي خبرات تضع في حسبانها ضعف وسائط الدفاع الجوي، ما يعني أنها يجب أن تتغلب على الضربات الجوية والصاروخية، عبر تشكيل حالة دفاعية تحصينية تحت أرضية وداخل أنفاق مبنية بأعماق كبيرة داخل الأرض ولعشرات الأمتار وفي قلب الجبال، توضع فيها وسائط الإنتاج والأسلحة المتطورة”.

يتفق العميد عبد الله الأسعد في حديثه لـ”نون بوست”، بأن هذه المواقع محصنة تحصينًا هندسيًا سرّيًا للغاية، وبداخلها أنفاق ممتدة تحت الأرض، ما يعني أن بعض الضربات الإسرائيلية قد تكون غير مجدية، وهو ما يمكن تفسير عملية الإنزال في مصياف من جهة، واستهداف الأرتال المتحركة والشحنات التي تخرج من تلك المواقع المحصنة، سواء في البحوث العلمية، أو في مطار دمشق، أو مواقع بحسياء لتدميرها قبل إخفائها وتحصينها أو استخدمها.

ختامًا، يبدو أن حملة الظل الإسرائيلية ستبقى طويلة الأمد ضد أي موقع وهدف تستخدمه إيران في سوريا يهدد أمن “إسرائيل” القومي، حتى تعطيله وإجبار إيران على تغييره، أو إيقاف النشاط العسكري فيه مؤقتًا ريثما تجد بديلًا، لا سيما أن “إسرائيل” تتعامل مع بنك أهدافها تعاملًا جراحيًا، أي بمعنى اقتلاع الهدف في وقت معيّن أو تقليص قدراته ومدى الاستفادة منه.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى