علم سوريا الجديد.. إرث من ذكريات الاستقلال

 

مرت سوريا بتغيرات تاريخية كبيرة على مر العصور، يمتد إرثها إلى يومنا الحاضر، الذي يشهد فيه البلد رياح تغيير جديدة، أنهت حكم عائلة الأسد بعقوده الخمسة، مفسحة الطريق أمام مستقبل جديد لا يمكن التنبؤ به.

وارتبط التغيير الأخير برموز شتى، أبرزها علم الاستقلال، الذي رفع يوم 8 ديسمبر (كانون الأول) فوق أرجاء سوريا الممتدة من إدلب إلى حلب ودمشق وحمص وحماة ومؤخراً دير الزور، مثيراً تساؤلات شتى عن دلالاته ومعانيه وتاريخه، بعد ظهوره البارز في 2011، كرمز للمعارضة في مسيرتها المناهضة للرئيس السوري المخلوع بشار الأسد.

في الحقيقة، تغير علم سوريا الرسمي مرات عديدة، خلال القرنين الماضيين، فتلون بألوان مختلفة، بحسب هوية حاكم البلد الذي وقع تحت سيطرة قوى مختلفة على مر التاريخ.

علم الثورة العربية والمملكة

وأول علم عرفه البلد في تاريخه الحديث، علم الثورة العربية، الذي جاء بعد نهاية حقبة حكم العثمانيين، وانسحاب حاميتهم من هناك عام 1918، حينها قام الأمير سعيد الجزائري برفعه فوق دمشق، بألوانه الأربعة، على شكل مستطيل أسود في الأعلى، ومستطيل أبيض في الأسفل، يتوسطهما آخر أخضر، وعلى الجانب مثلث أحمر اللون، ثم تلاه علم المملكة العربية السورية إثر قيامها في 1920، الذي يختلف عن سابقه بنجمة بيضاء تتوسط المثلث الأحمر، وسرعان ما تغير مع بداية الانتداب الفرنسي.

 

علما الانتداب والاستقلال

حين احتل الفرنسيون سوريا بعد انتصارهم في معركة ميسلون عام 1920، ودخولهم إلى عاصمتها دمشق اختاروا علماً جديداً، اتخذ شكل مستطيل أزرق اللون، يتوسطه هلال أبيض، وفي زاويته العليا علم فرنسي مصغر. 

رفض السوريون حكم الفرنسيين منذ اللحظة الأولى، ورفعوا أصواتهم عالياً مطالبين برحيلهم، ونظموا تظاهرات، ومقاومة مسلحة استمرت سنوات طويلة، انتهت بموافقة فرنسا عام 1930 على قيام الجمهورية السورية الأولى، بدستور وعلم جديدين، فاتخذ العلم شكل مستطيل طوله ضعف عرضه، يحتوي على أربعة ألوان، هي شريط أخضر في الأعلى، وفي الأسفل آخر أسود، وبينهما شريط أبيض يحتوي على ثلاث نجوم حمراء ذات خمسة أشعة، وصار تالياً علم البلاد الرسمي بعد استقلالها التام عن فرنسا في عام 1946،  ليعود مؤخراً  فوق ربوع دمشق مع سقوط حكم الأسد.

وألف السوريون والعرب ككل العلم وعرفوه قبل 2011، حين ظهر في الأجزاء الأولى من مسلسل باب الحارة الشهير إلى جانب العلم الفرنسي.

 

علم الوحدة العربية

ظل علم الاستقلال يرمز لسوريا ويمثلها رسمياً حتى اتحاد مصر وسوريا معاً في دولة واحدة سميت بالجمهورية العربية المتحدة، عام 1958، وصار لها علماً جديداً بخلاف علم الاستقلال. اصطبع علم الوحدة بالأحمر، والأبيض، والأسود الألوان التي ترمز للوحدة العربية، واستبدل لون نجمتيه الحمراوين، بنجمتين خضراوين، وهو نفسه الذي كان يستخدمه نظام الأسد قبل سقوطه. وفي الـ28 من سبتمبر (أيلول) 1961 انهارت الوحدة، وعادت سوريا لاستخدام علم الاستقلال.

 

علم البعث

دخلت سوريا مرحلة جديدة عنوانها حزب البعث، الذي سيطر على الحكم عام 1963، أضاف حزب البعث نجمة جديدة لعلم الوحدة مع مصر واعتمده علماً جديداً لسوريا، فأصبح العلم نفسه علم النظام السوري السابق، لكن بثلاث نجمات، ترمز إلى شعار الحزب “وحدة، حرية، اشتراكية”، وبقي مرفوعاً حتى عام 1980.

علم حقبة الأسد

في عام 1980، قرر رئيس سوريا الأسبق حافظ الأسد تغيير علم بلاده، فشطب نجمة من الثلات، واستمر استخدام هذا العلم لتمثيل سوريا رسمياً حتى الثامن من ديسمبر (كانون الأول) 2024، ليلة سقوط نظام ابنه بشار الأسد وحكم البعث ككل.

 

علم المستقبل

يعرف علم الاستقلال أيضاً باسم العلم الأخضر، واعتمد للمرة الثانية بعد الاستقلال عن فرنسا حين رفعه المتظاهرون الرافضون لحكم الأسد عام 2011، ويتكون من ثلاثة ألوان هي الأخضر الذي يرمز إلى بدايات الإسلام في سوريا، ويليه الأبيض الذي يشير إلى الأمويين، ثم الأسود، المعبر عن فترة الخلافة العباسية التي استمرت من 750 بعد الميلاد حتى منتصف القرن الـ13، أما النجوم الحمراء الثلاث، فتعبر عن مناطق سوريا الرئيسية، وهي مدن دمشق (جنوب غرب) وحلب (شمال غرب) ودير الزور (شرق).

 

 

ورغم أن العلم الحالي يشبه علم الاستقلال بشكل كبير إلا أنه يختلف عنه شيئاً بسيطاً في مقياس طول وعرض العلم، إذ يعتمد علم عام 1932 بنسبة عرض إلى ارتفاع تبلغ 1:2، بينما تم اعتماده عام 2012 من قبل حكومة المعارضة مع نسبة عرض إلى ارتفاع تبلغ 2:3.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى