تحركات إسرائيلية متسارعة في القنيطرة : سيطرة على مواقع استراتيجية وتغيير ديموغرافي

في خطوة تحمل دلالات استراتيجية عميقة، أحكمت قوات الاحتلال قبضتها على جبل الشيخ، هذا الموقع الذي يُعتبر بمثابة العين الساهرة على المنطقة بأكملها. فمن قمة هذا الجبل، يمكن رصد مساحات شاسعة تمتد لتشمل ريف دمشق الغربي، العاصمة دمشق نفسها، والجنوب السوري بأكمله. كما أن موقعه الجغرافي يجعله حلقة الوصل بين لبنان وسوريا، مما يضعه في قلب الشبكة الأمنية والجغرافية للمنطقة.
شبكة قواعد عسكرية: ترسيخ الهيمنة الإسرائيلية
لم تكتفِ إسرائيل بالسيطرة على المرتفعات، بل تجاوزت ذلك إلى بناء شبكة معقدة من القواعد العسكرية داخل أراضي محافظة القنيطرة. والمثير للقلق أن بعض هذه القواعد تقع في مناطق يُفترض أن تكون منزوعة السلاح. من بين هذه المنشآت العسكرية:
في تلول الحمر الشمالية، أقامت إسرائيل موقعًا حيويًا يربط بين ريف دمشق الغربي ومحافظة القنيطرة، مما يمنحها سيطرة على ممرات استراتيجية مهمة. أما قاعدة قرص النقل فتعمل كعين ساهرة ونقطة انطلاق في ريف القنيطرة الشمالي، حيث تتيح مراقبة دقيقة للمنطقة وتحركاتها.
في حرش جباثا الخشب، شيدت قوات الاحتلال مهبطًا للطائرات المروحية، والذي يُستخدم كنقطة انطلاق للدوريات الإسرائيلية التي تجوب القرى والبلدات المحيطة، في مشهد يذكر بأساليب الهيمنة والسيطرة. وبالقرب من مدينة السلام، تقع قاعدة الحميدية التي تراقب المدينة وبلدتي خان أرنبة والحرية، بينما تنطلق منها دوريات أمنية بشكل مستمر، مما يزيد من حدة التوتر في المنطقة.
موقع العدنانية يحتل أهمية خاصة، حيث يُستخدم لمراقبة الريف الأوسط والسدود المائية الكبرى مثل سد المنطرة وسد رويحينة. هذا الموقع مزود بنقطة مراقبة مباشرة على سد المنطرة، مما يثير تساؤلات حول النوايا الإسرائيلية تجاه الموارد المائية في المنطقة.
وفي بلدة كودنة، يقع تل الأحمر الغربي، وهو من أعلى التلال التي تسيطر عليها إسرائيل عسكريًا. من هذا الموقع المرتفع، يمكن كشف مناطق واسعة من ريفي القنيطرة ودرعا، مما يمنح الاحتلال تفوقًا استراتيجيًا واضحًا.
هذه القواعد ليست مجرد نقاط مراقبة عادية، بل هي منشآت عسكرية متكاملة مجهزة بأحدث الآليات العسكرية، من دبابات ومدفعية، إضافة إلى أنظمة اتصالات متطورة. كما أنها مربوطة بشبكة طرق لوجستية تصلها مباشرة بالجولان المحتل، ومزودة بإضاءة شاملة تضمن استمرارية العمليات الليلية.
طريق “سوفا 53”: مشروع تغيير ديموغرافي تحت غطاء عسكري
في العاشر من سبتمبر 2022، شرعت قوات الاحتلال في تنفيذ مشروع طموح يحمل اسم “سوفا 53”. هذا المشروع عبارة عن طريق عسكري يمتد من بلدة حضر في شمال القنيطرة وصولاً إلى بلدة العشة في الجنوب. لكن الأمر لا يتوقف عند مجرد شق طريق، بل يشمل حفر خنادق عميقة، وإقامة سواتر ترابية، وبناء تحصينات عسكرية، كل ذلك ضمن ما يُقدم على أنه خط دفاع متقدم.
غير أن الحقيقة المؤلمة تكشف أن “سوفا 53” ليس سوى أداة لابتلاع الأراضي الزراعية وتدمير ممتلكات المواطنين المحليين في القنيطرة بشكل ممنهج. هذا التخريب المقصود يحدث تحت أنظار العالم، وسط صمت دولي يثير الاستغراب والقلق.
؟
؟
مصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى