وزير إسرائيلي يستعين بالبصل ليذرف الدموع… أخطاء «الأورينت» بحق أميرالاي… هل يعتذر المذيع الأمريكي لبوتين؟

 

فضيحة مدوية في إسرائيل بسبب فيديو بثته قنوات إسرائيلية يكشف عن لجوء وزير الداخلية الإسرائيلي ارييه درعي إلى البصل ليذرف الدموع خلال تصوير أغنية يذكر فيها اسم الزعيم الراحل لحزب «شاس» الديني اليميني، الحاخام عوفاديا يوسيف.
في الشريط يظهر درعي، بعد محاولات اعتصار الدموع، وهو يقول «لم أتمكن من ذلك». فيلجأ إلى دموع البصل.
يتزامن ذلك مع فيديو بث أخيراً لرئيس الحكومة الكندي جاستين ترودو والدموع تملأ وجهه متأثراً بحديث لاجئ سوري. لا يعرف عن ترودو سوى ولعه بالأدب وبعض أنواع الرياضات، ومن بينها اليوغا، فيما ملف الوزير الإسرائيلي مكتظ باتهامات بالفساد وبفترة سجن سابقة.
أتذكر الآن هذا الموقف لزعيم الاتحاد السوفياتي الراحل ستالين (بالأحرى الراحليْن، فالاتحاد راحل، وكذلك ستالين). كان الرجل في شبابه المبكر من بين فلاحين ثاروا فتعرّضوا لعقوبة الجلد. كان عليه، مع زملائه، أن يمروا أمام رتل من الجنود بيد كل منهم «كرباج» للجلد، وكان معظم الثوار الفلاحين يلفظون آخر أنفاسهم قبل الوصول إلى «كرباج» الجندي الأخير.
ستالين، عندما جاء دوره، انحنى إلى الأرض، أخذ وريقة خضراء ووضعها في فمه، ومضى بأنفة وتجلّد ليعبر رتل الجنود، وهنا سيجنّ جنون هؤلاء فيضربون بحقد أكبر.
عندما وصل ستالين إلى الجندي الأخير أخرج الوريقة من فمه، قال له «انظر، حتى أنني لم أعضض عليها. تذكرني جيداً. اسمي ستالين».
ومن بإمكانه أن ينسى ستالين اليوم، لقد جلد التاريخ برمته، ولم «يعضض». وحدهم الطغاة، والمجرمون، والذين بلا قلب، لا يذرفون الدموع.

احتفاء بأميرالاي!

في فيديو لا يتعدى زمنه دقيقتين يرتكب برنامج «تيلي أورينت»، على قناة «أورينت» السورية المعارضة، أخطاء كارثية، لا يمكن القبول بها، خصوصاً حين يصمُ بالفشل والعجز موضوع الفيديو نفسه، ونعني عمر أميرالاي، حيث يأتي الفيديو احتفاءً بالذكرى السادسة لوفاة السينمائي التسجيلي السوري الراحل، لكنه لا يكفّ عن النيل منه.
يطلّ رفيق الحريري في الفيديو، في مشاهد مستعادة من فيلم «الرجل ذو النعل الذهبي» لأميرالاي فيدفع عن نفسه اتهامات بالقول «أنا لا أدافع عن أصحاب السلطة والمال، أرفض أن أكون في هذا الموقع». كلمات كانت كافية بالنسبة لـ «تيلي أورينت» كي تكتب استنتاجها أسفل الشاشة «كانت هذه المقاطع بمثابة اعتراف جريء أن صانع الفيلم (أي أميرالاي) فشل في مهمته». ثم يتابع الفيديو القول «المخرج السينمائي الراحل فشل في أن يشبّه حريري لبنان ببرلسكوني إيطاليا». ويضيف «لكنه لم يتردد أبداً في أن يظهر هذا الفشل عبر الفيلم ذاته».
لا ندري كم مرة استعمل الفيديو كلمة الفشل، قبل أن يصل إلى الإعلان الأخير، الذي يليق بعتاة المجرمين، لا بمخرج سينمائي قارع الاستبداد وعرّض نفسه لخطر الاعتقال مراراً: «أنا اليوم نادم على هذا الخطأ الذي ارتكبته في شبابي». وما الخطأ سوى هذا، كما تقول القناة «لام أميرالاي نفسه لأنه أشاد مرة بحزب البعث».
لم يكن الفيديو نوعاً من الحوار حتى نقول إنه يقدم انتقادات موضوعية لسينما أميرالاي، لقد قدّم أسوأ تعريف ممكن لأميرالاي، لقد أضاف لتلك الأخطاء استعمال صورتين للسينمائي محمد ملص (أمدّ الله في عمره) على أنهما لعمر أميرالاي.
المعارضة لنظام الاستبداد السوري، ذي اللغة الإعلامية الخشبية المنقرضة، يا زملاءنا في الـ «أورينت» ليس مجرد «هوبرة» وشتائم وصخب، أن تعارض ذلك النظام يعني أن تقدّم على مستوى الإعلام صورة أرقى وأنقى وأكثر اكتمالاً.
هذا «الفشل»، بالمناسبة، ليس نادر الحدوث في «أورينت»، إنه ابن أرض خصبة لإنجاز المزيد منه. مع الاحترام لزملاء أكفياء يبدو أنه مغلوب على أمرهم في تلك القناة.

 

صور الجوع

في العام 2007 أجريت مقابلة صحافية مع السيمنائي السوري الراحل عمر أميرالاي تمحورت فقط حول فيلمه عن رفيق الحريري «الرجل ذو النعل الذهبي»، حيث جاءت بعيد اغتياله، كان هذا جوابه عن سؤال حول الأشياء التي رفض الحريري تصويرها:
«مرتين تحفّظ الحريري على التصوير، واحدة، وقد وضعتها في الفيلم، حين طلبت أن أصور مدخل بيته والقصر جاوبني بأنه لا يحب. والثانية لم أضعها، وهي تكشف عن شخصية الحريري وأصالتها، رفض التصوير على طاولة الغداء مع عائلته. وسألني هل تجد تصوير مائدة خاصة بالفقراء أمراً مريحاً؟ ولا أعرف لماذا ربط الأمر بالفقراء مع أن مائدته عامرة، فيها ما لذّ وطاب! ولعله قال شيئاً يعود إلى منبته الفقير، قال لي لا أحب ذلك، أكثر شيء يجعلني أشمئز أن أرى أحداً يصور الفقراء وهم يأكلون، ليس لائقاً تصوير الجوع».
ما الذي كان سيقوله الراحلان اليوم والصورتان تملآن وسائط التواصل الاجتماعي، الموائد العامرة هنا وهناك، والجوع والقلّة المرعبة في تلك الجهة من الأرض، أعني سوريا!

 

مدمر العوالم

الكرملين يريد اعتذاراً من «شبكة فوكس نيوز» الإخبارية بسبب استعمال أحد مذيعيها كلمة «قاتل» في وصف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أثناء مقابلة مع ترامب. كان مقدم البرامج بيل أوريلي يجهد عندها في إقناع الرئيس الأمريكي بوجهة نظره تلك. حتى تلك اللحظة، أي لحظة طلب الاعتذار، كنت أظن أن بوتين فخور بكونه قاتلاً، ظننت أن لسان حاله يردد على الدوام عبارة أوبنهايمر التي قالها بعد الانتهاء من صنع القنبلة النووية: «الآن أصبحت الموت، مدمر العالم».
من جهة أخرى حبذا لو يبذل المذيع في المرة المقبلة جهداً في إقناع رئيسه بأنه هو نفسه لا يبتعد كثيراً عن سلوك بوتين، وإلا كيف نسمي ولعه مرةً بقطع رأس تمثال الحرية، ومرةً بالإمساك بمنطقته الحساسة (منطقتها الحساسة في الواقع، باعتبار التمثال يصور امرأة)!

 

خارج المكان

في وقت واحد يجري تداول مقطعي فيديو، واحد لترامب، الرئيس الأمريكي، وهو يشير لحراسه بالتعامل مع صحافي سأل سؤالاً لم يعجبه، فألقوا به على الفور خارج المكان على مرأى من حشد المؤتمرين، وواحد لحراس مارين لوبان، المرشحة الرئاسية اليمينية الفرنسية المتطرفة وهم يلقون خارجاً بصحافي فرنسي ويهينونه كذلك بسبب سؤال صحافي.
يبدو أن مستقبل العالم هو للقتلة وحدهم، الآخرون جميعاً خارج المكان.

 

 

 

راشد عيسى | القدس العربي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى