76 سورياً بينهم نساء وقصّر في معتقل ببلغاريا: جوع وأوبئة وتلوث وتهديد بتسليمهم للنظام
لم تتوقف معاناة السوريين عند خروجهم وهروبهم من البلد الذي حوّله النظام إلى “محرقة” أٌحرق بأجسادهم و أوقد بديارهم، بل رافقتهم المأساة والوجع حتى في دول اللجوء التي يعيش فيها اللاجئون كل أشكال التضيقات والانتهاكات والعنصرية المقيتة.
ومن بلد إلى آخر يترحلُ السوريون براً أو بحراً بحثاً عن مكان آمن، بل مكان تٌحفظ فيه كرامتهم التي ثاروا في سوريا من أجلها وهُجر ونزح الملايين وقتل واستشهد الآلاف، ففي تركيا عانى هؤلاء من القتل والعنصرية والاقصاء، نفس المآسي وضِعفها عاشها هؤلاء في لبنان بل بلغ الوضع حد منعهم من التجول ليلاً في بعض المناطق إضافة إلى اتهامهم باحتكار الوظائف خاصة في المجال التجاري وفرض قيود عليهم غير مسبوقة ونتج عن ذلك إضعاف المساعدات الإنسانية ونسب المياه المقدمة لهؤلاء وغيرها من التضيقات اللا إنسانية والتي تتعارض مع الاتفاقيات الدولية والمواثيق الأممية والقوانين المهتمة بحقوق الإنسان وخاصة الحق في الحياة الكريمة.
نتيجة تلك التضيقات يُهاجر السوريون بطريقة غير نظامية من بلد إلى بلد، بحثاً عن الحياة، وعلم المرصد السوري لحقوق الإنسان عن الحالة المأساوية لــ 76 في أحد سجون صوفيا ببلغاريا، وقالت مصادرنا من داخل السجن أن أغلبهم من المنطقة الشرقية دير الزور والحسكة ومنبج علاوة على وجود معتقلين آخرين من المغرب العربي والعراق وأربيل وغيرهم، ويقيم السوري هناك في ظروف قاسية وتنكيل مضاعف لأنهم معارضين لنظام بشار الأسد.
وذكرت المصادر أنه يتم التنكيل بهم عبر تجويعهم في السجن وحرمانهم من الاستحمام ومنع وسائل النظافة ما قد يعرضهم لأمراض خطيرة ومعدية بسبب التلوث، وأكدت أن بعضهم لم يتحمم منذ 4 أشهر وإن استحم وتحقق هذا الحلم يجبر هؤلاء على استعمال الماء البارد.
ولفتت الى أن المعتقل أو السجن الذي يعيش فيه هؤلاء اللاجئون السوريون تفرض عليهم فيه مبالغ مالية تفوق الـ 100 يورو لإدخال بعض الخضروات، علاوة على توفير مياه غير صالحة للشرب تسببت في كوارث.
وأكدت أنه يفتشون بشكل يومي ويمنعون من إدخال هواتف بها آلة تصوير حتى لا يوثقون المأساة وتُسرب الصور والفيديوهات للمجتمع الدولي لاعتبار أن ظروف الاقامة” لا تمت للانسانية بعلاقة”.
ويعامل السوريين باعتبارهم من المعارضة وقدموا براً فارين من تركيا بسبب العنصرية والمعاملة اللا إنسانية هناك بشكل كارثي ويُهدًدون بالترحيل والتسليم للنظام وبالتالي الموت أو البصم على 18شهراً في السجن.
وأكدت المصادر أن المخيم أو المعتقل يضم قُصّر ونساء يقاومون الوضع بصعوبة دون رحمة.
وأفادت بأن هؤلاء المعتقلون من سوريا يُسألون عن موقفهم من النظام والثوار و العشائر ومختلف التشكيلات المسلحة ويضعون تحت بند” تهديد الأمن القومي لبلغاريا” كتهمة أساسية، ولفتت إلى وجود سوريين في سجون أخرى بنفس البلد منذ سنتين دون علم أهاليهم.
ويُجبر هؤلاء على اعتماد هواتف بدون كاميرا ولا تحدد الـ Gps لعدم تحديد مكانهم.
وأشار هؤلاء إلى أن ظروف اعتقال السوريين شبيهة بسجن صيدنايا أو فرع فلسطين.
وبناءً على هذه المأساة يُذكرُ المرصد السوري لحقوق الإنسان بديباجة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وتشديده على احترام إنسانية الإنسان دون النظر إلى لونه وجنسيته وانتماءاته السياسية والفكرية، حيث تقول المادة 19 أنه لكل شخص الحق في التعبير والتمتع بحرية الرأي، أما في مادته السادسة فتشدد على الحق في الحياة وهو الحق الأساسي الذي تقوم عليه جميع الحقوق الأخرى، لكن يبدو أن وحشية العالم أبعدت هذه المفاهيم وجعلتها ثانوية أو طوعتها على حسابات وولاءات شخصية، فما يعيشه الفارون من الحرب السورية الدامية بيّن أن الإنسان ” إنسان في دول معينة” أما الإنسان في سوريا فيحاسب على انتمائه وبناءً على توجهه يوضع في الخانة السوداء، وما ذٌكر أعلاه لا يصف حال هؤلاء المعذبون في صوفيا فقط بل حال اللاجئون في لبنان وتركيا وكل بلد اصطف دون حياد في صف النظام السوري الذي جعل الثورة دموية وخيّر الحل الأمني والعسكري على الحوار بل واجه الاحتجاجات ضده بقوة السلاح والعنف والقتل والتهجير والدمار مستعينا بحلفاء يتشدقون بحقوق الإنسان بل يقدسون المفهوم فقط في بلدانهم.
لا ينكر طرفان ما يعيشه اللاجئ اليوم في صوفيا ببلغاريا، ولا يمكن غض البصر عن هكذا انتهاكات وتجاوزات مست جوهر حقوق الإنسان، فأن يُحرم انسام مهما كان توجهه السياسي من الاكل والاستحمام والنظافة الشخصية والتداوي بسبب رأيه الذي صودر في بلده ففر مستنجدا بدولة ما لحمايته، هنا تسقط أقنعة ادعاءات حماية الإنسان، يا لهول معاناة هؤلاء وسياسة تجويعهم وترهيبهم وتخويفهم بتسليمهم لجلادهم الذين فروا خوفا من عنفه، يا لهول نساء وقصر اقل من 14 عاماً يرمون في معتقل ويجبرون على الموت البطيء، ويا لهول طلب الموت بدل العودة للجلاد.
ويٌجدد المرصد السوري لحقوق الإنسان تضامنه اللامشروط مع هؤلاء المقمعون، الجائعون، يتامى الوطن وضحايا اللامبالاة الدولية وضحايا المصالح السياسية الضيقة التي تفضل بقاء النظام على موت ملايين السوريين بطرق مختلفة، ويدعو المرصد إلى احترام إنسانية هؤلاء التي فُقدت بسبب مواقف ، ويجدد التذكير بأن الاعتقال والتنكيل لن يكونا يوما الحل، ويؤكد على أهمية المحاكمة العادلة إن حدث الخطأ.
ويعبر عن أسفه تجاه هذه المعاملة التي تسمعها فتشعر كأنك أمام فيلم رعب حقيقي.
ويدعو الجهات الدولية والإقليمية إلى التدخل لفض هذه المآسي، ويشدد على المحاكمة العادلة لمن أثبتت تهديده لأمن أي بلد.