الملحمة السورية الكبرى (1) .. محمد جودت
لاشيء مما يحصل الآن في سوريا كان ليخطر على بال أحد , حتى أكثرنا تشاؤماً و خيالاً , بدايةً لم نكن نتصور قيام ثورة على حكم آل الأسد و نظام البعث , و كان الناس يتسائلون بعد اندلاع الثورات العربية في تونس و مصر و ليبيا و اليمن و كانت الاجابة دائما بالنفي , سوريا مستحيل , لا احد يتجرأ , لايوجد مقدمات الخ ..
شاءت الاقدار أن انطلقت الثورة السورية ببعض كتابات على الجدران و مظاهرات محدودة , و كأن الرماد يخفي تحته جمراً متوقداً , لم يحتاج الأمر الا لنفخة واحدة لتشعل ناراً احرقت بلهيبها سوريا و السوريين , و لم و لن تخمد حتى تاتي على الجميع دون ان يستثنى احد , نعم لن يستثنى أحد حتى أؤلئك الذين يظنون انفسهم بمنأى عن تفاعلات و نتائج الثورة السورية .
اليوم و بعد خمسة اعوام على الثورة نقف و نتأمل المشهد أين كنا و أين صرنا , بدأنا مطالبين بالحرية و الكرامة و بتغيير سياسي ينهي حكم آل الاسد – البعث و انتهينا بثورة تقف وحيدة ضد أعتى الدول في العالم , و سيكتب المؤرخين
مجلدات كثيرة عن الثورة السورية و سيظل السوريون لمئات السنين يذكرون و يتذكرون ما حصل لبلدهم و شعبهم , و أكاد أجزم ان التاريخ الانساني لم يشهد و لن يشهد مرحلة شبيهة بالحالة السورية بمرارتها و قسوتها و فظاعتها و اتساعها و ألمها و جنونها و تضحياتها و بمآثرها و آثارها !
نتطلع الى اليوم الذي تنتصر فيه الثورة السورية , و المعيار الاهم للانتصار هو سقوط حكم آل الاسد و زوال حكمهم و لا أظن أحداً يقبل بأقل من ذلك
اليوم لقد أصبح لدينا مخاوف جدية حول هذا الامر و صار البعض يطرح اسئلة مشروعة و مخيفة حول المستقبل , مستقبل سورية بدون الاسد او بوجود الاسد
خصوصا بعد بدء المفاوضات حول هيئة الحكم الانتقالية و التشويش و الدجل الاعلامي حول هذا الموضوع
و بعد الهدوء النسبي الذي شهدته جبهات القتال ضد عصابات الاسد و ايران و روسيا
وبعد تقاعس الكثير من فصائل الثورة المسلحة عن مقارعة النظام في مناطق تواجدها و الاكتفاء بتثبيت الجبهات دون احراز أي تقدم و خصوصا على الجبهة الجنوبية
لقد حذر نشطاء الثورة و مفكريها من أي اوهام حول امكانية تنازل آل الاسد عن السلطة طوعاً و دون ضغوط ميدانية و عسكرية جدية يستعشرون من خلالها الخطر المحدق بهم ….و تجبر داعمي سلطة القهر الاسدي على القبول بازاحة بشار الاسد عن الحكم و البدء بترتيبات المرحلة الانتقالية خوفا من خروج الامور عن سيطرتهم و لترتيب و تركيب نظام سياسي يضمن الحدود الدنيا لنفوذهم و مصالحهم !!؟؟
في 11| 5| 2016