Abl.majeed.m@gmail.com
إن اسقاط نظام مستبد وبخاصة عندما يتستر هذا النظام بعبائة الدين ليس بالأمر اليسير والسهل كما أن الأمر سيكون بحاجة ماسة لبذل الكثير من الاستراتجيات والتكتيكات والتكنيكات وعمل القوى المخلصة المضحية. واذا لم يتم تأمين هذه المتطلبات ستبقى لا محالة الديكتاتورية وسيستمر النظام الفاسد والديكتاتوري في الحكم وهكذا سيتوقف التاريخ في مكان معين وتتوقف عجلات التقدم والتغيير والتحول عن الدوران أو على الأقل ستصبح بطيئة جدا.
ولكن وفقا لتقاليد وعادات النضال والانتفاضة، فإن المضطهدين، وبسبب عدم امتلاكهم شيء آخر يخسرونه في حياتهم، فهم “يحملون أرواحهم على أكفهم” على استعداد للتضحية بأنفسهم من أجل تحرير شعبهم وبلدهم من الاضطهاد والظلم.
إن هذا النمط من المقاومة والنضال معروف جيداً بين جميع الدول، وهو مميز وموثق في كتب التاريخ، خاصة في القصص التحفيزية التاريخية، ليكون نموذجاً للأجيال القادمة.
يوجد في تاريخ كفاح الايرانيين الكثير من هذه النماذج والاساطير منذ قديم الزمان وكان هناك العديد من الأبطال المميزين والمخلصين الذين ضحوا بأرواحهم وبكل ما يملكونه في سبيل الاطاحة بالدكتاتور أو بالظلم.
قصة «كاوه الحداد» وضحّاك بماردوش (ثعبانان على منكبيه) هي أحد الاساطير التي يتم سردها ويتناقلها الايرانيون جيلا بعد جيل. وبالمثل كما في الكثير من الاساطير اليونانية وأساطير روما القديمة أيضا مثل «ذالك الشخص الذي لايهاب الموت ويقوم بالاطاحة بالقيصر» وكذلك احتفالية يوم عاشوراء للامام الحسين عليه السلام التي تحتل مكانة عظيمة وخاصة وفريدة من نوعها في تاريخ المسلمين.
ايران الان تحت سيطرة وحكم نظام مستبد طاغية متخفي بعبائة الدين. نظام قام بتقييد وربط الشعب الايراني وحرمانه من أبسط حقوقه الأساسية لما يقارب ال 40 عاما باستخدام اطروحة «ولاية الفقيه». في جميع أنحاء ايران يتم سجن واعتقال الأحرار وكما يرد على أبسط صوت مطالب بالحرية بالتعذيب والقمع والاعدام.
ولكن في الظروف الحالية في ايران لا يدور الحديث والنقاش حول الاساطير والقصص القديمة. ولكن الحديث يدور حول الرواد والمضحين والمخلصين الذين تم جمعهم وتنظيمهم في منظمة ذات خبرة كبيرة تسمى “منظمة مجاهدي خلق الإيرانية” التي تملك 52 عاما من الخلفية السياسية والتنظيمية والنضالية.
هذه المنظمة في زمن الحكم الملكي أيضا تصارعت مع الشاه الدكتاتوري لفترات طويلة، الامر الذي أدى الى اعدام مؤسسي هذه المنظمة والاعضاء البارزين فيها من قبل الاجهزة القمعية والوحشية التابعة للشاه في ذالك الوقت «السافاك».
واستمر نضال هذه المنظمة ايضا في زمان حكم نظام ولاية الفقيه في سبيل نيل الشعب الايراني الحرية والعدالة وعلاوة على ذالك نفذت أجهزة النظام القمعية والوحشية عمليات القتل والاعدام بحق أكثر من 120 الف شخص من أعضاء ومؤيدي هذه المنظمة والقوى المناضلة الاخرى.
ومع ذلك، تسعى هذه المنظمة للإطاحة بحكم ولاية الفقيه بمساعدة الشعب الإيراني. وتستند استراتيجية المنظمة على جيش التحرير الشعبي والقوة المنظمة.
تلك القوة المنظمة التي تأسست في عام 1986 وأثبتت جدارتها وقدرتها على نحو أفضل في معركة استمرت لعامين في زمن الحرب التي قادها الخميني ضد الشعب الايراني والعراقي.
بما في ذلك العملية الكبرى تحت اسم «الضياء الخالد»، في الأيام الأخيرة من شهر يوليو عام 1988، حيث وصلت القوة المنظمة في هذه العملية الى أبواب مدينة كرمانشاه و سببت زلزالا حقيقيا كاد يطيح بكامل نظام ولاية الفقيه .موجة زلزالية استفزت غضب الخميني وكراهيته الحيوانية وأصدر فتوى قتل بموجبها وأعدم 30 ألف عضوا من مؤيدي منظمة مجاهدي خلق الذين كانوا في السجون.
الشعب الايراني يقف وجها لوجه مقابل هذا النظام المسعور والقمعي لدرجة أنه لا يملك مخرجا صغيرا للمطالبة بالعدالة والحرية المفقودة لديه بشكل يومي وعلى الرغم من التعذيب والقمع الوحشي لم يفقدوا أبدا ثقتهم وأملهم بمقاومتهم الايرانية ولن يقبلوا الذلة والمهانة مع هذا النظام وقد صمموا العزم والارادة على إسقاطه والاطاحة به مهما كان الثمن.
ليس من الضروري إدخال تقنيات وتكتيكات في اختيار وصياغة استراتيجية للإطاحة بنظام ديكتاتوري.على الرغم من أن العديد من الأساليب والتكنيكات تفرض نفسها أثناء العمل وتخبر عن كيفية السير في هذا الطريق.
في القرن الماضي، من أجل الإطاحة بالحكومات الشمولية والقمعية في أمريكا اللاتينية، ضحى «تشي غيفارا»، هذا القائد المشهور والمخلص والواعي بكل شيئ في سبيل النضال ضد الديكتاتورية وقدم في سبيل ذالك نظرية «مراكز الثورة» بدون أن يكون هناك رؤية واضحة لانتصاراته العظيمة.
كما جاء في الكتب والمراجع المتعلقة بهذا الزعيم والقائد الشجاع بأنه كان يؤمن بما يلي: ”يمكن لقوة غير منظمة مهما كانت صغيرة أن تفوز بمعركة غير متكافئة مع جيش منظم“. وقال أيضا: ”نحن يجب أن لا نجلس منتظرين حدوث موقف ثوري بل نستطيع بأنفسنا بالاعتماد على مركز ثوري واحد أن نخلق مثل هذا الموقف الثوري“.
آمن هذا الثوري العظيم أن هذه المراكز يمكن أن تتحول إلى نقطة أمل للناس في مواجهة الحكم المناهض للشعب، ومن خلال تحريك المجتمع، أوجدت الأرضية المناسبة للثورة والتحول والتغيير.
على الرغم من أن ايران من الناحية الجيوسياسية ليست من جارات امريكا اللاتينية وطبيعة نظام القرون الوسطى أي نظام الولي الفقيه ليست مثل طبيعة النظام الديكتاتوري الحاكم في تلك البقعة الجغرافية ولكن الأساليب المبدئية والطرق المتبعة التي أثبتت نفسها بحق في الاطاحة بالدكتاتورية قابلة للمقارنة بشكل متكامل ومثالي.
إن مراكز الثورة التي تشكلت في الوقت الحالي من قبل المقاومة الإيرانية، من جهة، تعتمد على قيادة داعمة وقادرة وقوية، ومن ناحية أخرى لها اتصالات آمنة مع قيادتها.
دخلت مراكز الثورة مرحلة جديدة في انتفاضة الشعب الإيراني في 142 مدينة في الأيام الأخيرة من ديسمبر 2017 والأيام الأولى من يناير 2018، وأظهرت إمكانات وقدرات رائعة ومذهلة.
هذه هي الآلية والطريقة التي ستؤدي إلى إسقاط حكم نظام ولاية الفقيه. وهذه هي الطريقة الناجحة التي اعترف بها خامنئي نفسه قبل الجميع وبشكل علني بالتصميم والتخطيط لها من اجل اسقاط النظام و«التحضير للعمل ضد النظام» في اليوم العالمي للمرأة.

 
(موقع الخامنئي الإخباري يوم 8 مارس 2018 خلال لقائه بالمداحين http://farsi.khamenei.ir/news-content?id=39132).