
كورونا سبب في تنامي العنصرية في ألمانيا؟ لاجئون يروون قصصهم!
ارتفاع ملحوظ في عدد الاعتداءات العنصرية ضد اللاجئين في ألمانيا في عام 2020، هذا ما أكدته أرقام صادرة عن الوزارة الداخلية الألمانية. لاجئون يروون قصصا تؤكد شعورهم المتزايد بالعنصرية. فهل لوباء كورونا دور في ذلك؟ خبير بشؤون اللاجئين يجيب!
“في المجموعة الخاصة بالعمال في المطعم على تطبيق واتساب لا أحد يجيب على سؤالي، عندما أكتب أو أحتاج للسؤال عن شيء ما، بينما يتبادل العمال الآخرون الحديث فيما بينهم“ هذا التصرف الذي حدث معه مؤخرا، من بين أحد المواقف التي جعلت علي يشعر بالعنصرية والتمييز في بلده الجديد ألمانيا.
ليس ذلك فحسب، بل حتى قبيل تفشي وباء كورونا، عانى اللاجئ السوري من عدة مواقف عنصرية خلال عمله بأحد المطاعم. فبينما يتم استدعاء جميع العاملين في المطعم كل أسبوع من أجل أخذ صورة جماعية تستخدم للإعلانات والعروض، يستثنى علي وشاب سوري آخر من الصورة الجماعية. يحكي علي الذي قدم إلى ألمانيا منذ 6 سنوات لمهاجر نيوز عن موقف آخر:” خلال جائحة كورونا، تعرض الشاب السوري إلى عنف لفظي وهو يشارك في حوار افتراضي على أحد المواقع الخاصة بالمدينة التي يقطن بها. “دخلت إمرأة ألمانية على الرسائل الخاصة وبدأت تعنفي بألفاظ نابية وتقول “عد إلى بلدك”.
مريم من سوريا سردت لمهاجر نيوز عن تعرضها وزوجها للعنصرية من أحد موظفي مصلحة الأجانب وتقول: “للأسف العنصرية داخل مصلحة الأجانب متفشية بكثرة وتصدر المواقف العنصرية غالباً من موظفين ألمان ينحدرون من جنسيات أجنبية”. بعد مرور أكثر من ثمانية أشهر على تقديم مريم وزوجها طلب الحصول على الإقامة الدائمة، تقول مريم أنها وزوجها حاولا الاتصال بالموظفة عبر كافة وسائل التواصل الممكنة، لكنها لا تجيب”. وأضافت اللاجئة السورية “هذه الموظفة معروف عنها مواقفها العنصرية مع السوريين والأكراد بالأخص، لهاذا اضطر زوجي إلى توكيل محامي بسبب هذا الأمر”، تقول مريم.
تنامي العنصرية في ظل الجائحة
اللاجيء السوري، سليمان يحكي عن موقف مماثل له مع إحدى موظفات مصلحة الأجانب والذي أزعجه كثيراً: “توجهت للبلدية من أجل استخراج شهادة حسن السيرة والسلوك وتقديمها إلى دائرة العمل حتى أحصل على إعفاء من بعض المصاريف، لكن الموظفة ألقت نظرة على أوراقي وأبدت انزعاجها وقالت أن ما أحصل عليه أكثر من راتبها ومع ذلك أحصل على إعفاء رغم أنني لاجيء وهي ألمانية”.
تتعدد أشكال ومظاهر العنصرية ضد اللاجئين والأجانب في ألمانيا، لكن مؤخراً شهدت البلاد ازدياداً ملحوظاً لهذه الظاهرة. في العام الماضي 2020، سجل أكثر من 1600 اعتداء على اللاجئين وطالبي اللجوء في ألمانيا، وفق ما جاء في رد وزارة الداخلية الفيدرالية على طلب إحاطة من كتلة حزب اليسار، ونشرته صحيفة “نويه أزنابروكر تسايتونغ” الألمانية. وبحسب التقرير الإعلامي، فقد تعرض 201 شخص لاعتداءات عنصرية العام الماضي، كما ازداد عدد المسيرات اليمينية المتطرفة.
هذا التنامي في ظاهرة العنصرية خلال جائحة كورونا، يفسره الناشط الحقوقي، علي عيسو بأنه “جزء من حالة الغضب الذي بدأ يسيطر على قلة من الجموع الرافضة لإجراءات الحظر، فضلاً عن تداعيات الحظر على الحياة الاجتماعية والاقتصادية وحتى السياسية التي ساعدت على ازدياد حدة التوتر في الشارع الألماني”. وأضاف عيسو في حواره مع موقع “مهاجر نيوز“ أن “استغلال التيارات اليمينية المتشددة لأية ثغرة اجتماعية تساعدها على تعزيز رواياتها وأفكارها”.
من جهتها قالت السياسية المنتمية لحزب اليسار أولا يلبكه في تصريح لصحيفة “نويه أزنابروكر تسايتونغ” الألمانية: “إن العنصرية في البلاد لا تعرف الإغلاق”. وأضافت يلبكه أن الأرقام تظهر مدى تجذرعنف اليمين المتطرف داخل ألمانيا. وأكدت أن “جرائم القتل العنصرية التي جرت في هاناو قبل عام ذكرتنا بأن هذه العنصرية قد تكون مميتة”.
العنصرية لا تطال اللاجئين فقط!
مقارنة بالعام الماضي2020، انخفض عدد الهجمات المسجلة بشكل طفيف. في عام 2019، أبلغت السلطات عن 1620 حالة من هذا القبيل. ومع ذلك، فإن أرقام عام 2020 تبقى أرقاماً أولية و يتوقع حزب اليسار ارتفاع هذه الأعداد.
تشمل حالات الاعتداءات العنصرية المبلغ عنها: العنف اللفظي والتحريض وتخريب الممتلكات وأعمال العنف. بالإضافة إلى ذلك، تم الإبلاغ عن ما مجموعه 67 اعتداءً على منظمات الإغاثة والمتطوعين خلال عام 2020. بحسب الإحصائيات، ارتفع عدد الاحتجاجات اليمينية المتطرفة منذ بدء كورونا: من 124اجتجاجا في عام 2019 مقابل 133حتجاج في عام 2020. وبحسب التقرير، انخفض عدد المشاركين في هذه الاحتجاجات من نحو 19800 إلى 14000 احتجاج.
يرى الناشط الحقوقي، علي عيسو أن ألمانيا تحاول دائماً عبر أجهزتها الحكومية وأحزابها السياسية المتعددة، الحد من جميع أشكال الكراهية وليس فقط العنصرية، “رغم ذلك نرى أشكالا متعددة للكراهية لا ترتبط باللاجئين فقط، وإنما بين المجتمع الألماني نفسه، وهذه واحدة من مآلات الحقبة الأليمة التي عاشتها ألمانيا في حقبة النازيين”. وعن تجربته الشخصية في ألمانيا، قال عيسو:”على الصعيد الشخصي ورغم عملي في إحدى الدوائر الحكومية الألمانية، لم أواجه أي موقف يمكن اعتباره عنصرياً، ولكن هذه التجربة لا يمكن إسقاطها على جميع اللاجئين”.