صحيفة “مصدر” تجري جولة ميدانية في أحياء حمص التي تأوي قتلة السوريين

هل سلمت تلك الأحياء السلاح ؟ ومتى ستتم محاسبة القتلة والشبيحة منهم ؟

 

 

في خطوة تهدف إلى تسليط الضوء على الأوضاع الأمنية والاجتماعية في مدينة حمص بعد التحولات السياسية الأخيرة، قامت صحيفة “مصدر” عبر مراسلها بجولة ميدانية ليلية شملت أحياء باب السباع، النزهة، عكرمة، الحضارة، وكرم الشامي. مروراً بدوار الساعة الجديدة والغوطة والحمراء، وانتهاءً بحي الوعر. الجولة التي جرت حوالي الساعة الواحدة والنصف ليلاً، أظهرت غياباً تاماً لأي وجود أمني أو عسكري على طول المسار، بما في ذلك المناطق المعروفة سابقاً بأنها معاقل للشبيحة ومليشيات النظام السابق.

مخاوف الأهالي
أثار الغياب الأمني الملحوظ قلق السكان، الذين عبّروا عن خشيتهم من استغلال الخلايا النائمة للشبيحة لهذا الفراغ للتنقل بحرية وتنفيذ أعمال قد تزعزع استقرار المدينة. المشهد بدا أكثر وضوحاً في دوار الساعة الجديدة، الذي كان يُعتبر نقطة مركزية للقوات الأمنية، لكنه ظهر خالياً تماماً من أي مظاهر للحراسة أو الدوريات.

غياب أمني
في صباح اليوم التالي، تابعت صحيفة “مصدر” جولتها في أحياء الزهراء، الأرمن، شارع الستين، وادي الذهب، وعكرمة. ومجدداً، لم يتم رصد أي وجود أمني، سواء نقاط ثابتة أو دوريات متحركة. ورغم أن السكان يتمتعون بحرية الحركة ؟، إلا أن أجواء القلق لا تزال تخيّم على بعض الأحياء، خاصة تلك التي كانت بيئة حاضنة للنظام السابق والمتعاملين معه.

تعيش مدينة حمص حالة من الترقب والخوف بين الأهالي، خاصة في ظل استمرار الغموض بشأن مصير سلاح الشبيحة والمجموعات التي كانت تُشكّل الذراع الإجرامي للنظام السوري السابق. يشير العديد من سكان المدينة إلى أن مسألة نزع السلاح من الشبيحة ومن دعمهم لم تكن واضحة أو منظمة بما يكفي لضمان أمن الأهالي وحمايتهم من احتمالات عودة هذه المجموعات إلى نشاطاتها الإجرامية.

من مليشيات الاسد النسائية بخمص – ارشيف

مطالب العدالة
عبّر سكان حمص عن تقديرهم لجهود السلطات الجديدة في إدارة المدينة، لكنهم شددوا على أهمية البدء بمحاكمات عادلة تنصف الضحايا وتُحاسب المتورطين في الجرائم التي ارتكبت خلال السنوات الماضية. كما أبدوا تحفظاً تجاه رسائل الطمأنة المتكررة للبيئة الحاضنة للنظام السابق، معتبرين أن العدالة الحقيقية تتطلب التوازن بين المصالحة والمحاسبة.

Watch on TikTok

حمص، التي تعتبر واحدة من أكبر الحواضن للشيعة والعلويين الموالين للنظام، كانت على مدار سنوات الثورة مسرحاً لانتهاكات واسعة ارتكبتها هذه المجموعات، بدءاً من القتل والتعذيب، مروراً بالاعتقال القسري، وصولاً إلى تهجير السكان من أحيائهم. العديد من الناجين وأهالي الضحايا لا يزالون يعيشون في حالة خوف من إمكانية أن يستعيد هؤلاء الشبيحة نفوذهم، خاصة مع عدم وضوح آليات العدالة الانتقالية أو المحاسبة الصارمة التي تطال مرتكبي الجرائم.

الأهالي الذين فقدوا ذويهم نتيجة القمع المنهجي الذي مارسته ميليشيات النظام، يشعرون بأن غياب الإجراءات الصارمة تجاه الشبيحة يُبقي الباب مفتوحاً أمام احتمالات الانتقام أو استغلالهم أي فراغ أمني للعودة إلى ممارساتهم السابقة. هذه المخاوف تتعاظم مع استمرار وجود الحاضنة الشعبية لهؤلاء في بعض الأحياء التي كانت معروفة بدعمها للنظام، مما يعقّد مشهد السلم الأهلي ويزيد من حالة التوتر بين مكونات المجتمع.

يتطلع سكان حمص إلى تدخل حاسم من الجهات المسؤولة، سواء من خلال نزع السلاح بشكل كامل ومنظّم أو عبر تسريع عمليات المحاسبة العادلة التي تطال كل من ساهم في القتل والتعذيب. كما يشدد الأهالي على أهمية تعزيز الثقة بين مختلف مكونات المجتمع الحمصي، وضمان عدم عودة سيطرة المجرمين على المشهد الأمني والاجتماعي.

تتجه الأنظار نحو كيفية تعامل الجهات المسؤولة مع التحديات الأمنية والاجتماعية في حمص، المدينة التي كانت مركزاً للأحداث خلال الثورة. سكان المدينة يأملون في أن تكون هذه المرحلة بداية لحقبة جديدة من الاستقرار والعدالة، حيث تُبنى العلاقات على أسس من التسامح والتعايش بين جميع مكونات المجتمع الحمصي.

 

 

 

 

 

 

 

عامر السراج – مصدر

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى