علويون عائدون … د. عوض السليمان

 

اندلعت اليوم الأربعاء، مظاهرات في مدينة اللاذقية وطرطوس والقرداحة وحمص، ضد قادة الثورة السورية، وطالب المتظاهرون، العلويين جميعَهم بحمل السلاح وتشكيل اللجان، للدفاع، كما قالوا، عن قراهم وممتلكاتهم.
لا نشك أن هؤلاء مجموعات من عناصر النظام البائد تحاول زرع الفتنة والشقاق في سورية، وتريد أن تصل بالبلاد إلى ما وصلت إليه دول أخرى في المنطقة من زعزعة وعدم استقرار. وهؤلاء يهدفون بلا شك إلى الالتفاف على الثورة من خلال هذا المظاهرات الطائفية.
ودليلنا على أنهم من عناصر النظام المخلوع، بأنهم لم يتظاهروا يوماً بسبب خمسين سنة من التقتيل والإجرام الذي قام به آل الأسد في سورية. ولم تهتز مشاعرهم بسبب أربعة عشر عاماً من البراميل المتفجرة والسجون وذبح الأطفال واغتصاب النساء، بينما يتظاهرون ويهددون الثورة من أجل الاعتداء،كما يقولون، على ضريح شخصية دينية علوية. بلغة أخرى ينتصرون لضريح ولا ينتصرون لسفك دماء الأحياء، هذا مع العلم أنهم لم ينتصروا لأضرحة الصحابة التي نبشها جيش بشار الأسد.
والأنكى من ذلك أن المتظاهرين، بل والسوريين جميعهم يعرفون أن المعتدين على الضريح مجموعة من عناصر النظام الهارب، فعلوا ذلك عندما دخل الثوار مدينة حلب قبل شهر تقريباً، وقد أقدموا على ذلك الفعل بقصد تأليب العلويين على الثورة وحثّهم على حمل السلاح، مع نضوب المؤيدين للنظام وإحساسهم باقتراب ساعة فراره.


أضف إلى ذلك فإن مظاهرات هؤلاء جاءت مباشرة بعد تصريحات أطلقها الإيرانيون بدأت من خامنئي الذي هدد السوريين بقوله: “إن مجموعة من الشرفاء ستتصدى للإرهابيين الذي سيطروا على سورية وستخرجهم منها”.

ثم تبعه وزير الخارجية الإيراني الذي قال: “إن على الذين يظنون إنهم انتصروا في سورية أن يتمهلوا فالتطورات المستقبلية كثيرة”، وهذا كما يلحظ القارئ تهديد مباشر للثورة السورية، بعد الخسائر التي منيت بها إيران بسبب فرار بشار الأسد، وضياع كل استثماراتهم فيه، بالإضافة لمطالبة الحكومة السورية الجديدة إيران بدفع 300 مليار دولار جراء التدمير والخراب التي أحدثته في سورية.
إنه ليؤسفني الرخاوة التي تتعامل بها الحكومة الجديدة مع هذه الأحداث، والتي بدأت جلية في مسألة التسوية التي أُجريت مع طلال مخلوف، كما يؤسفني مظهر البراغماتية التي يريد الشرع أن يؤكدها للعالم. والحقيقة التي يجب أن ينتبه لها السيد الشرع، أن البراغماتية لا تعني أن يركب العالم كله ظهر سورية، ولا تعني أن نسمع ونطيع، للدرجة التي نفرط فيها بدماء الأغلبية خوفاً أن يقول الآخرون بأننا ضد الأقليات.
الذي أريد أن ألفت النظر إليه، هو أن القيادة الجديدة يجب أن تكون حازمة في التعامل مع كل من يمس أمن السوريين أو يحاول سرقة ثوررتهم المباركة، أو يعود بنا للخلف. فإن العاقل يدرك أن عبارات مثل علويون عائدون، والشعب العلوي واحد، تقصد استفزاز السنّة، وحملهم على مظاهرات مضادة وانتقام، وحرب طائفية بينية، تعيد سوريا كلها إلى سجون كسجون الأسد.

 

 

 

رئيس التحرير

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى