
إعادة بناء الجيش السوري: تحديات اقتصادية وعسكرية في ظل تدمير الترسانة والعقوبات
تواجه الحكومة السورية تحديات أمنية هائلة في سعيها لإعادة بناء جيش قوي وفعّال، وذلك في ظل تدهور الوضع الاقتصادي وضعف المخزون العسكري، بعد أن تسببت هجمات إسرائيلية متواصلة في تدمير الترسانة العسكرية التي تركها نظام الأسد البائد.
يبدو أن الخيارات أمام الحكومة محدودة؛ فالعقوبات المفروضة تمنع استيراد الأسلحة وصيانتها، مما يعني أن الجيش الجديد يعتمد إلى حد كبير على ما تبقى من معدّات قديمة أو ما يمكن تجديده بجهود محلية أو بمساعدة من جهات خارجية.
وفي ظل هذا الواقع، يبقى السؤال قائماً حول كيفية مواجهة الأخطار الكبيرة التي قد تهدد أمن البلاد، في ظل اعتماد الجيش على ترسانة أصبحت مرجّح نفادها بعد فترة قصيرة.
وفي الوقت نفسه، يتصدر موضوع عقيدة الجيش الجديد اهتمام المراقبين، الذين يلاحظون صعوبة دمج فصائل وتنظيمات متعددة بارتباطات مختلفة؛ فمن جهة تلك التابعة للتكتلات التي تدعمها تركيا وبعض الجهات التي لا تزال تحتفظ بأسلحتها رغم إعلان انضمامها للجيش الجديد، ومن جهة أخرى تنظيمات أخرى تتبنى نهجًا مختلفًا في استخدامها للأسلحة والعتاد.
كان بالإمكان للحكومة أن ترث ما تبقى من ترسانة نظام الأسد، التي تراكمت عبر عقود من الطائرات الحربية والدبّابات والمعدات العسكرية، لكن الاحتلال الإسرائيلي شن حملة قصف واسعة تُعرف بـ”سهم باشان”، استهدفت مواقع ومطارات عسكرية سورية من الشمال حتى الجنوب خلال فترة قصيرة، مما أدى إلى تدمير البنية التحتية العسكرية واستنزاف القدرات الدفاعية الاستراتيجية، بما في ذلك الأسطول البحري في ميناء اللاذقية وميناء البيضا.
وتشير التقارير إلى أن عدد الطائرات الحربية السورية انخفض إلى حوالي 452 طائرة، مع وجود عدد محدود جاهز للعمل، فيما كانت الدبّابات والقوة المدفعية تمثل جزءاً أساسياً من القدرات التي يتوجب على الجيش إعادة بنائها، رغم أن معظم هذه المعدات تعتمد في صيانتها على الدعم الروسي، الذي قد يصبح خيارًا محدودًا في ظل العقوبات والضغوط الدولية.
من جهة أخرى، لا تقتصر التحديات على الجانب المادي فقط، بل تشمل أيضاً تنظيم الجيش نفسه؛ فتنوع ولاءات الفصائل العسكرية والتنظيمات المنتشرة في كل أنحاء سوريا يمثل عقبة كبيرة في طريق توحيد القوات، خاصة مع غياب نموذج واضح للعقيدة القتالية الجديدة التي تجمع بين المفاهيم الشرقية والغربية، دون أن تتعارض مع القيم الدينية الوطنية.
على الرغم من هذه المعوقات، يبدو أن هناك بوادر للتعاون مع الدول الجارة، حيث تبرز عروض تركيا في مجال التدريب والمساعدة في إعادة هيكلة الجيش السوري، وقد يُستغل هذا الانفتاح لتجديد بعض القدرات العسكرية أو على الأقل تأمين صيانة وترميم ما تبقى من المعدات.
؟
متابعة مصدر