
انسحاب أميركي وشيك من سوريا؟ مؤشرات متزايدة وتحركات على الأرض تثير التساؤلات
كشفت مصادر سورية عن تحركات لافتة لقوات “التحالف الدولي” بقيادة الولايات المتحدة داخل سوريا، قد تكون بمثابة تمهيد لانسحاب عسكري مفاجئ. ووفقًا لتلك المصادر، فقد بدأت القوات الأميركية بسحب مصدات إسمنتية من قاعدة “تل بيدر” غرب الحسكة عبر شاحنات عراقية، ما يُنظر إليه كخطوة رمزية ولكنها ذات دلالة استراتيجية على بدء إفراغ بعض القواعد من تجهيزاتها الدفاعية.
قاعدة “تل بيدر” تُعد من القواعد الأميركية الأكثر أهمية في شمال شرقي سوريا، كونها مجهّزة لهبوط المروحيات القتالية وتضمّ تجهيزات لوجستية متقدمة.
كما أكدت المصادر أن معدات غير قتالية نُقلت أيضاً من قاعدة “الشدادي” جنوب الحسكة، وشوهدت طائرات شحن أميركية تتجه بتلك المعدات إلى شمال العراق.
وفي السياق ذاته، أشار مدير شبكة “الخابور” إبراهيم الحبش إلى رصد خروج شاحنات عراقية محملة بكتل إسمنتية من قاعدة “تل بيدر” باتجاه الحدود العراقية، وهي تحركات تكررت في الآونة الأخيرة من أكثر من موقع عسكري أميركي.
هل اقترب موعد الانسحاب؟
التكهنات حول الانسحاب تعززت عقب تسريبات نشرتها شبكة “NBC News” الأميركية في فبراير/شباط الماضي، نقلاً عن مسؤولين في البنتاغون، حول إعداد خطط لسحب القوات الأميركية بالكامل من سوريا خلال 30 إلى 90 يومًا.
ويشير مراقبون إلى أن الاتفاق الذي تم توقيعه بين الرئيس السوري أحمد الشرع وقائد “قسد” مظلوم عبدي في 10 آذار، تم بدفع أميركي واضح، ويُفهم منه كجزء من ترتيبات ما قبل الانسحاب.
الكاتب والسياسي الكردي علي تمي أكد أن واشنطن أبلغت “قسد” بإمكانية الانسحاب في أي لحظة، ما دفع الأخيرة إلى المسارعة بتوقيع الاتفاق مع الحكومة السورية.
ويتوقع تمي أن تكون زيارة وزير الخارجية التركي هاكان فيدان إلى واشنطن، المقررة هذا الأسبوع، محطة أساسية لبحث تفاصيل صفقة الانسحاب، خاصة أنها جاءت بطلب مباشر من الرئيس الأميركي دونالد ترامب.
ضمن هذه المؤشرات، دعت واشنطن مؤخرًا إلى تشكيل حكومة سورية “مدنية” تضم جميع الأطراف، في خطوة يُعتقد أنها تهدف لتأمين تمثيل لـ”قسد” ضمن هياكل الدولة السورية، ومنع فراغ أمني في حال الانسحاب. ويأتي ذلك بالتوازي مع تعزيز التنسيق الأميركي-التركي لمواجهة خطر تجدد ظهور الجماعات المتطرفة.
انسحاب مفاجئ ليس مستبعدًا
الكاتب والمحلل السياسي فراس علاوي يرى أن خيار الانسحاب المفاجئ لا يمكن استبعاده، رغم غياب مؤشرات عسكرية مباشرة على الأرض. ويشير إلى أن عمليات نقل المعدات قد تكون ضمن “إعادة الانتشار”، لكن التجارب السابقة مع الإدارة الأميركية، خصوصًا في أفغانستان، تجعل سيناريو الخروج المفاجئ مطروحًا بقوة.
وبينما تتزايد المؤشرات السياسية والميدانية على قرب حدوث تغير كبير في التواجد الأميركي شمال شرق سوريا، يبقى السؤال الأهم: هل ستغادر واشنطن سوريا فجأة تاركةً وراءها فراغًا جديدًا؟ أم أن ما يجري هو جزء من اتفاقات أوسع تشمل قوى إقليمية ودولية لرسم ملامح مرحلة ما بعد النفوذ الأميركي؟