
اكبر مكب سيارات مستعملة في العالم … أساطيل من السيارات المستعملة
في ربيع 2025، تحوّلت الشوارع والساحات السورية إلى معارض مفتوحة للسيارات المستعملة، بعد قرار وزارة النقل السماح باستيراد أي مركبة يزيد عمرها عن 15 عاماً. هذه السياسات أطلقت يد السوق ليفرض منطق العرض والطلب وحسب، من دون رقابة فنية أو بيئية أو ضمانات سلامة، وخلقت فوضى عارمة تترافق مع نزيف للعملة الصعبة.
تكثر اليوم في دمشق وحلب واللاذقية “أسواق شعبية” تضم مئات الباعة والتجار، يتنافسون على استيراد موديلات قديمة من آسيا وأوروبا، وأحياناً من الولايات المتحدة.
الأسعار المنخفضة خدعت المستهلك، لكن السيارات البالية سرعان ما تتحول إلى “توابيت متحركة” تتسبب بأعطال متكررة وحوادث خطرة، إضافة إلى استنزاف إضافي لموارد الوقود وارتفاع نسب التلوّث.
فوائض اقتصادية… أم خسائر جمركية؟
رغم وعود الحكومة بتحصيل مئات ملايين الدولارات عبر الرسوم الجمركية، فإن التخفيض الكبير (70–80%) على الرسوم أفقد الخزينة أضعاف ما جنت، فيما التحويلات بالدولار تختفي إلى جيوب التجار ووكلاء الاستيراد.
والأخطر من ذلك أن هذه الأموال كان من الممكن توجيهها إلى دعم مشاريع النقل العام أو تحديث البنية التحتية.
لا فحص دقيق للسيارات المستوردة، ولا حصر لطرازات محددة أو دول منشأ تضمن معايير السلامة الحديثة أو الاعتماد على الطاقة الكهربائية. النتيجة طبيعية: زيادة في الحوادث المرورية، وتفاقم للتلوّث الهوائي، وانهيار تدريجي لشبكة الطرق المنهارة أصلاً بعد سنوات الحرب.
أصبح من الضروري أن تتراجع السلطة عن قرارها الارتجالي، وتضع ضوابط جديدة تحدد أعمار السيارات ونوعية المحركات، وتشترط شهادة فحص فني قبل منح لوحات استيراد.
كما يجب توجيه جزء من الرسوم الجمركية لدعم النقل العام وتطوير قنوات الإنتاج المحلية لسيارات خفيفة أو كهربائية.
إذا ما تواصل السماح المفتوح، فسنشهد تحول سورية إلى أكبر “مكبّ سيارات” في المنطقة، على حساب السلامة العامة والاقتصاد الوطني والبيئة. تغييرات عاجلة مطلوبة قبل أن تتحول شوارعنا إلى مقابر للسيارات القديمة.
؟
؟
مصدر