وثائق تملكها جريدة مصدر “بوليفارد النصر” : لن يتم تعويض الملاك قبل عام 2011
جدل متصاعد حول أولويات إعادة الإعمار في سوريا، تكشف عن خباياه “جريدة مصدر” بحصولها على تسريبات خاصة تتعلق بالمشروع “بوليفارد النصر” في مدينة حمص، الذي يُعد من أضخم مشاريع إعادة الإعمار التي طُرحت بعد “التحرير” .
وحسب ما كشفنا سابقا ان المشروع الذي تشرف عليه شركة العمران للتطوير العقاري، يهدف إلى إعادة رسم المشهد العمراني والخدمي في وسط المدينة، ومن المرتقب أن يُفتتح رسميًا خلال أسبوع على الأكثر، بحسب ما أكدته مصادر مطّلعة.
ورغم الطابع الطموح للمشروع، إلا أنه يفتح الباب لتساؤلات معمّقة حول حقوق الملكية، العدالة الاجتماعية، وأولويات التنمية في ظل الظروف الاقتصادية والإنسانية التي تعيشها البلاد.
استملاك وتسويات : بين القانون والتقدير
تشير الوثائق المسرّبة إلى أن الجزء الأكبر من الأراضي الداخلة في نطاق المشروع مستملكة لصالح الدولة بموجب قانون الاستملاك العام.
وفي حال وجود ملكيات خاصة، تُقر التسريبات بأن التسوية ستتم وفق آلية “تقدير عادل وواقعي” تُشرف عليها لجنة رقابية مستقلة.
وقد خُصص خياران للتعويض:
دفع نقدي مباشر بعد التقييم.
أو تخصيص شقة سكنية ضمن المشروع لأصحاب الحقوق.
أما الحالات الخارجة عن هذا الإطار، فسيُحال الفصل فيها إلى القضاء، لضمان الشفافية وتفادي أي شبهات مصادرة تعسفية.
وفي خطوة تهدف إلى طمأنة الرأي العام، أكدت التسريبات أن حديقة الشعب لن تُحوَّل إلى مشروع سكني، بل ستبقى على حالها مع إضافة مرافق عامة مثل المسابح والخدمات الاجتماعية، ما يعكس توجّهًا للحفاظ على المساحات الخضراء ضمن مشهد عمراني متجدد.
4000 شقة… وتسهيلات لذوي الشهداء
ضمن المخطط التفصيلي للمشروع، يُتوقع إنشاء نحو 4000 شقة سكنية عالية الجودة، تُعرض للبيع بأسعار مدروسة، مع تخفيضات مخصصة لذوي الشهداء وإمكانية تقسيط تمتد حتى عشر سنوات، ما يفتح بابًا واسعًا أمام فئات واسعة من السكان، ولا سيما المتضررين ، لامتلاك سكن ملائم.
10,000 فرصة عمل
في تصريح خاص لـ”مصدر”، أوضح أحد المراقبين الاقتصاديين أن مشروع “بوليفارد النصر” سيؤمّن ما لا يقل عن 10,000 فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة، موزعة على قطاعات الإنشاء، النقل، التموين، والخدمات.
ومن المتوقع أن يسهم المشروع في تنشيط الاقتصاد المحلي، وتوفير دخل مستقر لشرائح واسعة من سكان المدينة، خاصة فئة الشباب والعائدين من النزوح أو البطالة.
خمس سنوات تنفيذ… بتكلفة 400 مليون دولار
تُقدَّر كلفة المشروع الأولية بـ400 مليون دولار أميركي، وتشمل كافة المكونات: من البنية التحتية والمرافق العامة، إلى الوحدات السكنية والمراكز التجارية والخدمية. ومن المخطط أن يتم الانتهاء الكامل منه خلال خمس سنوات كحد أقصى، وفق الجهة المنفذة.
طرحنا في “مصدر” تساؤلًا محوريًا: حول عدم شمول مناطق مدمّرة بالكامل مثل بابا عمرو، الخالدية، والبياضة ضمن خطة الإعمار. وجاء الجواب، وفق التسريبات، أن المناطق المختارة حاليًا – المصابغ، سوق الهال، والقرابيص – تعود ملكيتها للدولة، مما يسهّل البدء الفوري بالمشروع.
أما المناطق المتضررة بشدة، فتتطلب تهيئة مساكن بديلة قبل تنفيذ أي تطوير، وهو ما لا تسمح به الموارد في هذه المرحلة.
لن يتم تعويض من قبل التعويض سابقا .. قانون الاستملاك : من 2011 فصاعدًا فقط
تنص الوثائق المسربة على أن تعويض الملكيات الخاصة قد يخضع لاعتراف قانوني للحقوق المثبتة من عام 2011 وما بعده فقط ولن يتم تعويض أي مالك قبض ثمن أرضه من نظام بشار، الأمر الذي يُثير مخاوف بعض السكان الذين يملكون عقارات بوثائق قديمة تم استملاكها قبل عام 2011، ما يفتح الباب أمام موجة طعون قانونية متوقعة.
مشروع بوليفارد النصر بلا شك هو خطوة جريئة نحو استعادة الحياة العمرانية في حمص. لكن إن لم يُدار بقدر عالٍ من الشفافية والمسؤولية، فإنه قد يتحوّل إلى مصدر احتقان جديد في مدينة أنهكتها سنوات الحرب والتجاهل.
- المهندس رسلان يوجّه انتقادات حادة لفوضى التنظيم العمراني في حمص : “التحرير لا يعني الفوضى”
- “بوليفارد النصر” في حمص … مشروع استثماري على أرض متنازع عليها
- أهالي حمص يستيقظون على لوحات مشروع “بوليفارد النصر” وصدمتهم تجاهل الأحياء الثائرة المدمرة
؟
علا ابو صلاح – خاص – حمص
