عذراً حلب … نخوة الثوار بيد أمريكا .. د. عوض السليمان
صورة صادمة نشرها بعض المتابعين في مدينة درعا، كتبوا عليها “عذراً حلب حتى النخوة في حوران صارت بأمر الموك”. جملة قصيرة مؤثرة تختزل حال بعض ثوارنا، أولئك الذين أقسموا اليمين في بداية هذه الثورة، متعاهدين على إسقاط الأسد، والوقوف صفاً واحداً، حتى يتم تحرير سورية من الحكم الطائفي البغيض الذي يتعامل مع الشعب السوري بوصفه عدواً.
هكذا بدأت الثورة، وقد كادت تحقق أهدافها مرات عدة، وكادت تطيح بالأسد، لولا تدخل الدول الكبرى، والإقليمية، وكذلك الدول العربية “الشقيقة” للحفاظ على العميل الصهيوني بشار الأسد، ولتأديب أي شعب عربي يفكر بالقيام بثورة جديدة، على مبدأ “راح يصير فيك مثل ما صار بالسوريين”.
عندما عجزت القوى الداعمة لبشار الأسد عن نصره، اتجهت إلى خداع بعض الثوار وقد نجحت بالفعل، فما كان منها إلا أن قدمت دعماً مالياً لهؤلاء، وأخبرتهم بأنها تقصد بذلك التخلص من الأسد، وكلنا يعرف العلاقة بين السعودية وجيش الإسلام، والعلاقة بين غرفة الموك والجبهة الجنوبية وما هذه إلا أمثلة، فلتركيا مؤيدون ولأمريكا مثلهم، ولا ننسى اللاعبين الدوليين كلهم.
كان خطأ الثوار، الذي حذرنا منه على الفور، أنهم قبلوا تلك المساعدات، متجاهلين أن مال الغرب وغيره، لا يمكن أن يكون لنصرة الشعوب العربية بحال. وبلغ الأمر أن قامت الولايات المتحدة مثلاً بتمويل الجبهة الجنوبية بعدة ملايين من الدولارات، وقامت بتدريب بعض المقاتلين في الأردن لتقنع الثوار أنها جادة في إسقاط الأسد.
انطلت الحيلة على كثير من ثوارنا، وأخذوا المال القذر، واستفادوا منه، كذلك جنودهم، وأصبح لدى بعضهم سيارات وحرس شخصي. ولما أحس الغرب بتقهقر الأسد، هدد الثوار طالباً التوقف عن قتال العدو والتفرغ لقتال بعضهم بعضاً، مرة بحجة المفاوضات، ومرة بحجة الحرب على الإرهاب.
استفاق بعض الثوار ورفضوا، فتم تصفية كثير منهم، ولما لم تنجح هذه الخطة تم إيقاف دعمهم، وهُددوا بالملاحقة والتقتيل، ووجدوا أنفسهم، لا مال ولا سلاح، خاصة وأن بعضهم تعود على رائحة الدولار، و بعد أن كانت الثورة مبدأً، أصبحت وسيلة لرغد العيش، فوجدوا أنفسهم بالفعل مطيعين لعدوهم منفذين لأوامره.
الجبهة الجنوبية، تعتبر النصرة مشروعاً غير وطني، ولا يخدم الثورة السورية، والنصرة تملك حق الرد وتنفذه، ووصل الأمر إلى الاقتتال بين الطرفين والخطف والجريمة، بعد أن كان سلاحهما موجهاً ضد الأسد.
يؤسفنا أن جيش الإسلام قد ردّ على مظاهرات توحيد الصف في الغوطة الشرقية، بدخوله مدينة مسرابا والسيطرة عليها. لم يدخل علوش كبير المفاوضين، إلى دمشق، ولم يرشق العاصمة بألف صاروخ في المرة الواحدة كما وعد جيشه يوماً، كما لم يفعل شيئاً لفك الحصار عن ريف دمشق، وغني عن القول أنه لم يتوجه إلى حلب، فقد أضاع الطريق.
لماذا لا ينتصر الأسد في حلب ويدمرها؟ ما الذي يمنعه؟ الاقتتال بين النصرة وتنظيم الدولة؟ أم بين المثنى والجبهة الجنوبية؟ أم تلك المعارك بين فيلق الرحمن وجيش الإسلام؟ أو ربما التشبيح والسرقة التي يمارسها بعض المدعين.
قالها بعض “الثوار” هكذا بصراحة وفي وجهي، “حط ورا ظهرك، غداً ينسى الناس حلب وما فعل الأسد بها”.
سابق : حلب تذبح…أين الثوار
رئيس التحرير
يصبح الأمر خطيرا جدا و لا أحد يسمع نداء المثقفين و العلماء لتوحيد الصف . كلهم يبعثون عن مصالحهم قبل مصالح الشعب . اللهم استر و سلم.