شيلني يا بابا .. أطفال سورية ..ريزان حدو*
من الهبيط صرخ عبد الباسط يا بابا شيلني .. و لكن كيف لأبيه المصاب أن يحمله و هو جريح الجسد و جريح الروح لفقدانه لزوجته و طفلته و ليكتمل المشهد المؤلم بعجزه عن تلبية نداء طفله عبد الباسط الذي فقد ساقيه ..
و بالتزامن مع صراخ عبد الباسط في الهبيط ، صرخ العشرات من أصدقاء عبد الباسط في مدينة الباب … و لكن تم خنق صوتهم .. و فرض عليهم الموت و العذاب بصمت بعيدا” عن عدسات الإعلاميين و الناشطين كرمى لعيون السلطان أردوغان …
عبدو – رضوان – سيدرا – بلال – رهف – راما ، اطفال من مدينة الباب غادرونا اليوم إلى الجنة في نفس التوقيت الذي كان الطفل عبد الباسط يصرخ في بلدة الهبيط …
الأطفال هم الضحية الأكبر في الحرب السورية المستمرة منذ عام 2011 و حتى الآن . آلاف الأطفال فقدوا حياتهم و من بقي منهم على قيد الحياة فقد كل أوجه الطفولة . فقدوا منازلهم ، مدارسهم ، أهلهم و أشقاءهم و أصدقاءهم .
آلاف الأطفال اضطرتهم ظروف النزوح و الهجرة لترك مقاعد الدراسة و القيام بأعمال شاقة جسديا” و نفسيا” لتأمين قوتهم و قوت عائلاتهم . و الأخطر هو استغلال ظروفهم و العمل على تجنيدهم للمشاركة في الحرب .حتى بات الأطفال الأحياء يتمنون أن يلاقوا مصير أصدقائهم الشهداء .
هذه المأساة الكبرى لم تسترع من أصحاب القرار و الساسة الالتفات إليها و جعلها حافزا” نحو تقديم تنازلات من الجميع للوصول إلى حل ينهي مأساة القرن كما توصف ، عبر العمل على بناء عقد اجتماعي جديد ينهي الحرب و يحافظ على وحدة السوريين ، و لكن على ما يبدو لم تنته اللعبة بعد ،و عندما يلعب الكبار ، يدفع الصغار الثمن . و لكن لو قدر للأطفال الشهداء الاتصال بالكبار هل تعلمون بماذا كانوا سيوصونهم ؟
أبي الغالي أمي الحنونة صبركم الله على فراقي أوصيكم أن ترسلوا ذلك الجراب القديم المحشو بالأوراق و الخرق البالية و التي اعتدت ركلها أنا و أصدقائي ، إضافة لقطعة سكاكر كانت جل ما استطعت جمعه في العيد و لكن من شدة فرحي بها قررت الاحتفاظ بها و عدم أكلها و الاكتفاء بالنظر إليها خلسة كل مساء قبل النوم على آمل أن أذوق طعمها في أحلامي ، أوصيكما أمي و أبي أن ترسلا الكرة و قطعة السكاكر لأصدقائي أطفال مضايا و الزبداني ، لأصدقائي أطفال كفريا و الفوعة ، لأصدقائي أطفال حمورية و مسرابا و دوما و سقبا ، لأصدقائي أطفال كوباني و القامشلي و عفرين و عامودا .
أبي الغالي أمي الحنونة : لا تحزنوا … فإني في مكان أفضل مما كنت فيه ، و مع صحبة أجمل ممن كنت معهم و تعرفت على مجموعة من الأصدقاء … أطفال بعمري سلكوا نفس طريقي للوصول إلى هنا … محمد و موسى و عيسى ، عمر و علي و الحسين و كاوا ، عائشة و مريم و زينب و نوروز ، نلعب في حدائق جميلة و كرات جديدة و لدينا الكثير من السكاكر و كل ما تمنينا أن نحصل عليه يوما” ، تجمعنا المحبة و السعادة التي فقدت عندكم لذا لا تحزنوا .
أمي و أبي الغاليين :نحن الصغار لم و لن نعترف بهلوساتكم أنتم الكبار ، فكلنا من آدم و آدم من تراب و مجنون من يحاول عبثا” أن يفرز حبات التراب ……………
كاتب كردي سوري*