الائتلاف السوري المجرم .. مرهف مينو
لكي تصل إلى حل من المفترض أن تكون هناك مصيبة, هكذا تتعامل المعارضة السياسيّة السوريّة المقيمة في (فنادق تركيا وباريس والدوحة) , وحتى لو قلبنا المقولة سنجد تلك المعارضة بعيدة تماماً عن تلك النظرية. سألني أحدهم لمَ تستخدم وسم “الائتلاف السوري المجرم” دائماً بمنشوراتك؟ قلت : الجواب هو الحالة الحالة السورية الراهنة .
انظر لحال السوريين في الشتات وفي المناطق المسيطر عليها من قبل “المعارضة المسلحة” تعلم لماذا أستخدم الوسم، راجع الذاكرة السورية, تأمّل ما وصلنا إليه, غاندي شخص واحد استطاع تغيير العالم بالصيام, وغيفارا لم يسترح وسلاحه بندقية فقط, وسمير قصير قتل لأنه حمل ودافع عن رأي, وباسل شحادة قضى من أجل مجرد صورة.
طبعاً من المؤلم مقارنة من سبق بمن باع وتجاهل مأساة السوريين وتاجر بها, من المؤسف مقارنة حنجرة القاشوش الحرّة بحناجر امتهنت واستمرأت الخداع والكذب على السوريين .
من المهين مقارنة الجربا, وغليون, ورياض حجاب, والأتاسي, و …… , بمن سبق وما سيأتي من أسماء باعت حياة الذلّ لتشتري الكرامة, ربّما يكون خطأ السوريين الكبير تخليهم عن ثورتهم لهؤلاء, ثقتهم بأشخاص سرعان ما ملّوا واستسهلوا وتجاهلوا, ست سنوات ومجازر بشار وعصابات حزب الله وإيران وآخرها روسيا, أطفال سورية يقصفون ويجوعون ويحاصرون والمعارضة وحكومتها المؤقته, داخل قنّ الدّجاج تصدّر التصريحات كأيّ فصيل على الأرض السورية .
فلو تأملنا المأساة السورية وتابعنا بقليل من التأني تفاعل تلك المعارضة المحسوبة على الشعب السوري لأصابنا الإحباط .
بدءاً من مجازر الكيماوي حتى جولات أستانا وجنيف, التي حولتهم لشهود زورٍ لا قرار حقيقي لهم فيها, فمثلاً بينما طائرات بشار مشغولة بإحراق “خان شيخون” وقتل أطفالها بالسارين, كانت المعارضة مجتمعة لانتخاب رئيسٍ لها, وبينما كان الأسد يعدم 13 ألف سوري في سجن صيدنايا ويحرق جثثهم, تباهت المعارضة بجولات جنيف ومجاكرة الجعفري, ومبارزته نثراً وشعراً .
“المجلس الوطني يمثلني ” خطأ السوريين الذي لن يمحوه التاريخ في 7 أكتوبر من عام 2011, خطؤهم في دعم وتبني معارضةً بعيدةً كلّ البعد عن طموحات الثورة السلميّة التي لم يلوثها المال, ولم يشوهها (رجال) السياسة, طموحات ثورة لم يكونوا شعلتها ولم يخرجوا في مظاهرة واحدة فيها, خطأ أعتقد أنّ السوريين أصابتهم سخونته بعد سرقة ثورتهم ممن اختاروهم كرفاق خندق ولم تستطع بعض التصريحات من رجال المعارضة كتصريح “ميشيل كيلو ” الذي شنّ فيه هجوماُ على الائتلاف الوطني المعارض في 15 تموز سنة 2015 على راديو “أنا”, واعتذر فيه من الشعب السوري على وضع المزهرية التي تتخذها المعارضة السورية أمام مايتعرض له الشعب السوري من قتل .
لم تستطع الست سنوات من عمر الثورة السورية إنتاج معارضة سياسية وعسكرية ذات فكرٍ سياسيّ يتبنّى مشروعاً ينقذ السوريين. وعلى الرغم من تعدّد الكتل إلّا أنّها لم تلبِ مطامح السوريين بل تركتهم لمخيمات اللجوء والهجرة القسريّة، ربّما أهم ما قامت به المعارضة السورية خلال السنوات السابقة كان التخلي عن مقعد “الثورة السورية” في الجامعة العربية التي اجتمعت هذا العام في الأردن , وعدم التوصّل لاتفاقٍ فعّال وحقيقيّ مع الكتائب المقاتلة على الأرض, والأهمّ من كلّ ذلك الابتعاد عن مطالب الشعب السوري وتأمين مقومات صموده إغاثيا ومعاشياً, وتربوياً, الصمت على الفساد وعمليات السرقة والنهب دون رقيب أو حسيب, إقصاء كلّ النشطاء والعاملين في الداخل السوري عن الائتلاف, ودعم معارضين ليس لديهم تاريخ سياسي, فشلُ الملفّ السياسي, وتحويل الثورة من ثورة ضدّ عصابات بشار وإيران لحرب وتصريحات ضد التنظيم وفصائل إسلاميّة, والصمت على جرائم التحالف الدولي وشركائهم من الأكراد الإنفصاليين في الرقة والشمال السوري.
ومن أكبر إنجازاتهم ضياع الفرصة في حشد المجتمع الدوليّ ضدّ الطاغية و داعميه كروسيا وإيران وحزب الله الإرهابي منذ مجزرة الكيماوي الأولى في ريف دمشق, انتهاءً بمجزرة خان شيخون والتقارير التي فضحت مسلخ الأسد البشري في صيدنايا.
معارضةٌ لم نعد نراها حتى على الشاشات, ربّما خجلاُ أو إفلاساً, معارضة وحكومة مشلولة لا تستطيع حتى استخراج جواز سفر لمواطن سوري اسماً تحت مظلتها, معارضة تركت الريف الدمشقي وحمص وحلب تسكن المخيمات بدون أن يكلف أحدٌ نفسه بزيارة تلك المناطق والاطمئنان على السوريين فوق التراب، وتركت العالقين مابين المغرب والجزائر للوحوش والعقارب مدّة 50 يوماً لولا تدخل منظمة “أفاز” والأمم المتحدة ومظاهرات خرجت لدعمهم من الدولتين, فهل يرحم الله السوريين من معارضتهم وكفار ثورتهم أم سيبقى السوريّ باحثاً عن بعض كرامةٍ و وطن ؟