ماهي خيارات الشرع : هجمات إسرائيلية ورسائل مبهمة من إدارة الشرع

 

ما جرى في قرية كويا بريف درعا الجنوبي، الثلاثاء الماضي، من قصف وقتل نفذته دبابات الجيش الإسرائيلي، قد لا يكون إلا بدايةً لسلسلة أحداث مشابهة، بحسب مراقبين، ما يضع إدارة الرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع أمام اختبار صعب، لا يتصل فقط بإسرائيل، بل أيضاً بردود فعل السوريين في الجنوب المهددين في أمنهم ووجودهم.

وأسفرت الهجمات عن مقتل خمسة أشخاص وإصابة آخرين، حسب ما نقل موقع الحرة عن صحفي ميداني غطى الحدث، إضافة إلى ما وثقه المرصد السوري لحقوق الإنسان، وذلك عقب مقاومة من شبان محليين ضد محاولات التوغل التي تمارسها القوات الإسرائيلية في تلك المنطقة.

في أول ردّ، أصدرت وزارة الخارجية السورية بياناً نددت فيه بالهجوم، داعية السوريين إلى رفض محاولات التهجير أو فرض واقع جديد بالقوة، وطالبت بفتح تحقيق دولي في “الجرائم الإسرائيلية”. لكن، وبحسب محللين، لم يأتِ البيان بجديد، وبدت لغته شبيهة بصيغ بيانات الحكومات السابقة.

ويرى مراقبون أن الموقف الصادر من الخارجية لا يعكس توجهاً حقيقياً في دمشق نحو مواجهة سياسية أو دبلوماسية للتصعيد الإسرائيلي، وهو ما تؤكده الباحثة في الشأن السوري زينب كولوريوتيس، التي تقول إن أحمد الشرع لا يضع خيار المواجهة العسكرية على الطاولة في الوقت الراهن، بسبب الضعف العسكري والاقتصادي والأمني الذي تعانيه سوريا بعد عقد من الصراع.

خياران أمام الشرع

وبحسب كولوريوتيس، فإن إدارة الشرع أمام خيارين أساسيين:

الاستجابة للشروط الإسرائيلية، وأبرزها منع أي وجود عسكري غير خاضع للسلطة المركزية في الجنوب السوري، خصوصاً المسلحين التابعين لفصائل غير نظامية.

فتح مسار دبلوماسي غير مباشر، عبر وسطاء إقليميين كقطر والأردن، من أجل التوصل إلى تفاهمات تؤسس لتهدئة طويلة الأمد، رغم رفض هذا الخيار من قِبل بعض الشخصيات في الإدارة السورية الجديدة، بالإضافة إلى وجود رفض شعبي لأي تطبيع مباشر مع إسرائيل.

رسائل غير كافية

تكشف كولوريوتيس عن رسالتين طمأنتين بعثت بهما إدارة الشرع إلى إسرائيل، الأولى عبر قطر والثانية عبر الأردن، لكنها تصفهما بـ”غير الكافيتين”، خصوصاً في ظل الخطاب المتشدد من قبل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير خارجيته جدعون ساعر، اللذين ينظران إلى الإدارة السورية الجديدة كـ”تهديد مستتر”.

طموحات إسرائيل في الجنوب تتوسع

بعد سقوط نظام الأسد، وضعت إسرائيل قائمة من الأهداف في سوريا، منها: حماية الأقلية الدرزية، نزع السلاح من الجنوب، والسعي نحو نظام فدرالي. لكن الغارات الجوية المتكررة، وآخرها على قاعدة T4 في البادية، وقاعدة أخرى جنوب شرقي البلاد، إضافة إلى التوغلات البرية في ريف درعا، توحي بأن إسرائيل تطمح إلى ما هو أبعد من الأمن التكتيكي.

وفي الوقت نفسه، تتابع إسرائيل بقلق تزايد النفوذ التركي في الشمال السوري، ما يدفعها لتوسيع نطاق تحركها جنوبًا، في محاولة لرسم حدود جديدة لتوازنات النفوذ في سوريا ما بعد الأسد.

لا صوت واضح من دمشق

رغم تعاظم التحديات، لا تزال إدارة الشرع تتجنب التصريحات الواضحة أو تقديم خطة حقيقية لمعالجة ملف الجنوب. ويخشى سكان المنطقة من تكرار مشهد كويا في بلدات أخرى، وسط صمت رسمي، وتحركات إسرائيلية لا تخضع لأي ردع.

في حال لم يتم التعامل مع هذا التصعيد بسياسة واضحة، فإن معضلة الجنوب قد تتحول إلى أزمة وطنية تُهدد الاستقرار الهش الذي تحاول الحكومة الجديدة بناءه.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى