
حلب: فتاتان تحررتا من الخطف…فقتلتهما “جريمة الشرف”!
.
وكانت معلومات أولية أشارت إلى أن الفتاتين اختطفتا من قبل مجموعة متورطة بتجارة المخدرات، وبعد الإفراج عنهما، لم تفتح أي تحقيقات بحق الجناة، بل وجهت أصابع الاتهام إلى الفتاتين، قبل أن يتم قتل إحداهما على يد والدها، ويدعى مالك جاسم العلوان، والثانية على يد شقيقها جاسم رمضان العلوان، وسط تبريرات اعتادت المجتمعات المحلية ترديدها تحت عنوان “غسل العار”.
وأشعلت الجريمتان ردود أفعال غاضبة في مواقع التواصل الاجتماعي، حيث وصفت الصحافية السورية آلاء عامر الحادثة بأنها تعبير عن وحشية مجتمعية.
وكتبت:”في سوريا المتوحشة تقتل النساء على أيدي ذويهم بعد تحررهن من الخطف.. في أي غابة متوحشة نعيش؟”.
وكتبت رئيسة “اللوبي النسوي السوري” ريما فليحان: “جريمة بشعة وقذرة يقوم بها همج لا قلب لديهم ولا رحمه، جرائم اللا شرف القذرة، نطالب السلطة بمحاسبة القتلة وضبط الأمن”.
وأضافت: “لا يمكن ضبط الأمن في سوريا من دون تفعيل الضابطة العدلية وإعادة الشرطة المدنية إلى عملها”.
وسجل العام 2023، جرائم مماثلة تؤكد أن “الشرف” مازال أداة قتل في أيدي الأقارب الذكور، بدلاً من أن يكون منظومة أخلاقية تحترم حياة الإنسان.
ففي مدينة الحسكة، في 10 آب، أقدم سالم النزال (40 عاماً) على قتل شقيقته نغم ذياب النزال (28 عاماً) داخل مطبخ منزلهما في حي العزيزية، ثم فرّ إلى العراق. بحسب رواية الوالد، فإن الجريمة ارتُكبت بعد شائعات انتشرت حول سلوك الفتاة، الأمر الذي اعتُبر “مساساً بالشرف العائلي”، فكان القتل هو الرد.
وفي العام نفسه في درعا، قام شاب بطعن شقيقته مرات عديدة حتى الموت في منطقة حوض اليرموك، وذلك بعد أكثر من سبعة أشهر على اتهامها بسلوكيات “مخلة بالشرف”، ولم توجه حينها التهمة للقاتل، بل صيغت الجريمة مرة أخرى كـ”واجب أخلاقي” ضمنياً.
وفي حادثة أخرى في الحسكة، خنق أب ابنته ذات الـ16 عاماً بعدما احتجزها عاماً كاملاً إثر حملها من ابن عمها الذي حكم عليه بالسجن.
وبحسب تقارير إعلامية، سجلت 25 حالة قتل لنساء في شمال شرقي سوريا خلال النصف الأول فقط من العام 2023، عددٌ كبير منها وقع بدوافع “الشرف”. ويرجح أن العدد الفعلي أعلى بكثير، نظراً لتكتم العائلات على الجرائم، وعدم الإبلاغ عنها، أو التواطؤ المجتمعي معها.
ورغم تعديل المادة 548 من قانون العقوبات السوري العام 2009، والتي كانت تمنح الجناة عذراً مخففاً في جرائم الشرف، فإن المادة 192 لا تزال تستخدم لتخفيف الأحكام بحجة “الدافع الشريف”. كما يرسخ قانون الأحوال الشخصية السوري، خصوصاً في مواده المتعلقة بالزواج، الولاية الذكورية التي تمنح الأب أو الأخ سلطة قانونية مباشرة على قرارات الفتاة، ما يجعل من الصعب على النساء اتخاذ قرارات مستقلة من دون “إذن” أو “موافقة”.
هذه الوصاية السامة لا تقتل النساء فقط حين تقع الجريمة، بل تسجنهن نفسياً واجتماعياً طوال حياتهن، وتحرمهن من فرص التعليم، والعمل، والاختيار، وتحوّلهن إلى رهائن داخل أسرهن.
ومع سقوط نظام الأسد أواخر العام الماضي ، أطلق سراح الآلاف من المعتقلين، بمن فيهم متهمون سابقون بجرائم شرف، وفي ظل غياب الأجهزة القضائية والشرطية، تفاقمت الجرائم، وغابت المساءلة، وتحوّل القانون إلى “شخصي” أو “عشائري”، حسبما أشار ناشطون ووسائل إعلام محلية.
؟
المدن