شركة سعودية تعلن عن مشروع تطوير عقاري في حمص وسط تعتيم رسمي وصعوبة في الوصول للمعلومات

أعلنت شركة “حمادة هولدينغ” القابضة، التي تتخذ من المملكة العربية السعودية مقرًا رئيسيًا لها، عن نيتها إطلاق أول مشروع تطوير عقاري في سوريا، وذلك ضمن حي القرابيص المتضرر في مدينة حمص، مع الإعداد لمشروع مماثل في العاصمة دمشق. الإعلان جاء على لسان المهندس مؤيد الكيلاني، ممثل شركة “العمران” التابعة للمجموعة، التي تنشط في عشرة بلدان عربية وأجنبية.

ويُعد هذا المشروع أول مؤشر رسمي على دخول استثمارات عقارية سعودية مباشرة إلى أحياء مدمّرة بفعل النزاع في سوريا. لكنّه يأتي في ظل تعتيم كبير واستحالة الحصول على معلومات واضحة ومتكاملة حول تفاصيل العقود، آليات التعويض، وهوية الشركاء المحليين أو الجهات الضامنة لحقوق المتضررين من السكان الأصليين. لا توجد حتى اللحظة أي بيانات رسمية صادرة عن محافظة حمص أو وزارة الإدارة المحلية توضح طبيعة المشروع أو الشروط التنظيمية المحيطة به.

وبحسب التصريحات المتاحة، فإن المشروع يتكوّن من ثلاثة أجزاء:

  1. جزء سكني تعويضي مخصص للأهالي المتضررين، يتضمن شققًا تطل على حديقة عامة تحتوي مجرى مائي ومرافق ترفيهية.

  2. جزء سكني استثماري فاخر سيُطرح للاكتتاب العام، ضمن محيط سوق الهال في المدينة.

  3. منطقة خدمية وتجارية تضم فندقين، ستُقام على عقارات تابعة لأحد المعامل الحكومية.

وأوضح الكيلاني أن المشروع ينتظر الحصول على التراخيص النهائية من محافظة حمص، متوقعًا انطلاق التنفيذ خلال ستة أشهر، مشيدًا بما وصفه بـ”التجاوب الحكومي والتسهيلات المقدمة”.

في المقابل، تشير الوقائع إلى أن شركة حمادة هولدينغ، التي تأسست في الرياض عام 2010، تعمل في قطاعات متنوعة تشمل العقارات، التكنولوجيا، التعدين، والطاقة، وتتبنّى خطابًا بيئيًا وتنمويًا عامًا يتماشى مع “رؤية السعودية 2030”. وتُظهر معلومات منشورة عن الشركة أنها توظف نحو 50 شخصًا، ولديها شركاء في عدة دول، لكنها لا تمتلك موقعًا أو منصة رقمية توضح أنشطتها داخل سوريا، ولا توجد أية معلومات منشورة عن الهيكلية القانونية لعلاقتها مع الحكومة السورية أو الأطراف المحلية في حمص ودمشق.

كما لم تُقدَّم حتى الآن أية ضمانات علنية بشأن حماية حقوق المالكين الأصليين في حي القرابيص، أو معايير تحديد المستحقين للتعويض، وهو ما يثير مخاوف إضافية في ظل تجارب سابقة لمشاريع إعادة إعمار شبيهة، مثل “ماروتا سيتي” في دمشق، التي واجهت انتقادات حقوقية واسعة بسبب عمليات إخلاء دون تعويض عادل.

وتبقى التفاصيل الجوهرية حول المشروع الجديد غير معلنة، وسط غياب رقابة إعلامية أو مجتمعية، ورفض الجهات المعنية الإدلاء بأي تصريح رسمي، ما يُكرّس نمطًا من الغموض يهدد بتحويل إعادة الإعمار إلى ملف استثماري مغلق، يُدار خلف الأبواب، دون مشاركة حقيقية من المجتمعات المحلية المتضررة.

ويضع هذا المشروع – في حال تنفيذه بهذه الصورة – علامة استفهام كبيرة أمام تعهدات الدولة السورية الجديدة بالشفافية والعدالة في مرحلة ما بعد الحرب، ويجعل من حي القرابيص اختبارًا مبكرًا لقدرتها على التوفيق بين حقوق المواطنين ومصالح المستثمرين.

مصدر – خاص – دمشق

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى