ماكرون يدعو العلماء للعمل في فرنسا

باريس تطلق “اختر فرنسا للعلوم” وتستقطب العلماء في مواجهة تقلُّص التمويل الأميركي

أعلنت الرئاسة الفرنسية، أمس الجمعة، عن مبادرة جديدة لاستقطاب العلماء والباحثين الدوليين إلى فرنسا وأوروبا، في ظل توجه إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب إلى تخفيض ميزانيات البحث العلمي في الجامعات والمراكز البحثية بالولايات المتحدة.

وأطلق الرئيس إيمانويل ماكرون في منشور عبر منصة “إكس” دعوته للعاملين في الحقل الأكاديمي بعبارات حثّتهم على اختيار فرنسا وأوروبا باعتبار البحث “أولوية” والابتكار “ثقافة” والعلم “أفقاً بلا حدود”.

وفي خطوة تلاقحت مع هذه الدعوة، دشّنت الوكالة الوطنية الفرنسية للأبحاث منصة إلكترونية أُطلق عليها اسم “اختر فرنسا للعلوم”، تهدف إلى دعم مؤسسات التعليم العالي ومراكز البحث في تقديم طلبات التمويل لاستقدام باحثين من مختلف أنحاء العالم.

وتشمل المجالات التي تستهدفها المنصة أبحاث الصحة والمناخ والذكاء الاصطناعي والزراعة المستدامة والطاقة منخفضة الكربون والأنظمة الرقمية، وفق بيان صادر عن الوكالة.

وأكدت الوكالة الوطنية في بيانها أنها “تلتزم بالتصدي للهجمات على الحرية الأكاديمية في كافة أنحاء العالم”، معتبرة أن “السياق الدولي الراهن يهيئ موجة غير مسبوقة من تحرك الباحثين بين القارات، وأن فرنسا عازمة على أن تكون وجهتهم الأولى”.

وأضاف البيان أن الجامعات والهيئات البحثية أمامها مهلة حتى نهاية شهر أيار المقبل لتقديم مشاريعها إلى المنصة، التي ستُرفَع بعدها إلى لجنة وطنية من الخبراء ليصار إلى اختيار أنجح المقترحات.

ويأتي هذا الاهتمام الفرنسي بالبحث العلمي في مواجهة ما يصفه مراقبون بتراجع مكانة الجامعات الأميركية بعد سلسلة قرارات حكومية هدفت إلى قطع التمويل أو إعادة توجيهه، وترافقت مع موجة احتجاجات طلابية وأكاديمية اتهمتها الإدارة الأميركية بأنها تسيء إلى سمعة الجامعات.

ويرى كثيرون أن تراجع الدعم المالي لأهم الصروح البحثية في الولايات المتحدة قد يفتح الباب أمام قوى أخرى عالمياً، وعلى رأسها أوروبا، لتعزيز تنافسيتها في ابتكار التقنيات والخدمات المستقبلية.

ويعول مسؤولون فرنسيون على نجاح مبادرة “اختر فرنسا للعلوم” في فتح آفاق تعاون جديدة بين المختبرات الأوروبية ونظرائها في الولايات المتحدة وآسيا، لا سيما في المجالات الحساسة كالأبحاث الطبية والطاقات النظيفة والذكاء الاصطناعي.

وفي المقابل، يرصد مراقبون دوليون كيف ستؤتي هذه الخطوات أُكُلها على أرض الواقع، طالما أن فرنسا وأوروبا ما تزالان تواجهان تحديات تتعلق بتمويل البحث وتعزيز البيئة الحاضنة للابتكار، خصوصاً في ضوء المنافسة الاقتصادية المتصاعدة.

يبقى أن يثبت الشطر الأوروبي من “المعركة العلمية” جدارته في جذب أفضل العقول وضمان موارد مستدامة لدفع عجلة الاكتشافات، في حين تصطف واشنطن الآن أمام واقع جديد قد يدفعها لإعادة الحسابات داخل حرمها الجامعي.

؟

مرهف مينو – باريس

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى