انتشار فوضوي للأسلحة والذخائر في ريف إدلب وتهريبها إلى لبنان

شهدت مناطق ريف إدلب الجنوبي خلال الأسابيع الماضية انتشاراً واسعاً للأسلحة والذخائر التي خلفتها وحدات الجيش السوري السابقة، في ظل ضعف الأجهزة الأمنية الجديدة وصعوبة ضبط الأسواق السوداء التي باتت تبيع الرصاصة بسعر لا يتجاوز مئة دولار، بعد أن كانت سعلتها مرتفعة في السوق الرسمية قبل سقوط النظام.

ينقل مقاتلون في صفوف “أنصار التوحيد” قذائف الهاون وبنادق كلاشينكوف وصناديقٍ من الذخائر الفارغة إلى مستودعات صغيرة، ثم ينتظرون مرور تجار السلاح والسمسرة لشراء “الغنائم” التي يتم جمعها من خطوط التماس والقرى المهجورة. ويعترف أبو عبدو، أحد هؤلاء المقاتلين، بأن “حجم ما نحصل عليه محدود مقارنة بما استولاه آخرون”، في إشارة إلى انتشار هذه الظاهرة بين عناصر الفصائل والمدنيين على حد سواء.

وعلى خلفية الفوضى، أصدرت وزارة الدفاع تعميماً يقضي بمنع بيع أو نقل جميع الأصول العسكرية (سلاح وذخائر وآليات وتقنيات)، مع توعد المخالفين بالمحاسبة، إلا أن التعميم لم يحدد العقوبات الصارمة الكافية لردع المهربين، ما دفع الأجهزة الأمنية إلى الاعتماد على حجز المشتبه فيهم لأسابيع قبل إجبارهم على تسليم الأسلحة المُصادرة.

وتشير مصادر إلى أن إدارة العمليات العسكرية والأمن العام والفصائل المحلية شكلت فرقاً مشتركة لمداهمة مستودعات الأسلحة المنتشرة في عشرات الثكنات، ونجحت في استرداد كميات معتبرة من البنادق والقذائف وعتاد الدبابات، لكن نشاط المهربين المدنيين، خصوصاً في مدن مثل حمص وحماة وحلب، لا يزال مستمراً.

ويشهد سوق الأسلحة في الشمال السوري هبوطاً حاداً في أسعار المسدسات نتيجة وفرة المعروض، في حين يبقى سعر البندقية الروسية “كلاشينكوف” مستقراً عند نحو 100 دولار، ويُباع رطل النحاس المستخرج من قذائف الهاون المفككة بأسعار تصل إلى 5 دولارات للرطل في لبنان المجاورة.

ويعد خط التهريب باتجاه الأراضي اللبنانية الأكثر نشاطاً، إذ تؤكد تقديرات عسكرية أن طريق دمشق – حمص – لبنان، وعلى وجه الخصوص بلدات القلمون والشيفونية، تحولت إلى ممرات رئيسية لصادرات “غنائم” النظام السابق، في ظل ضعف التنسيق بين الأجهزة الأمنية السورية واللبنانية.

وتواجه السلطات السورية الجديدة تحدياً مزدوجاً يتمثل في ضبط الأسواق وإعادة الأسلحة المستولى عليها إلى المخازن الرسمية، وفي الوقت نفسه تأمين بدائل تسليحية ووحدات مدربة لملاحقة المهربين، حفاظاً على المظهر الأمني واستقرار المناطق المحررة بعد أكثر من أربعة عشر عاماً من النزاع.

؟

متابعة مصدر

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى